للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى} و {الْأَسْماءُ} جمع اسم، وهو اللفظ الدال على الذات، أو عليها مع صفة من صفاتها، و {الْحُسْنى} بوزن فعلى مؤنث الأحسن، كالكبرى والصغرى، وقيل: الحسنى مصدر وصف به، كالرجعى، وأفرده كما أفرد وصف ما لا يعقل في قوله: {وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى} ولو طوبق به .. لكان التركيب الحسن كقوله: {مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. {فَادْعُوهُ بِها}؛ أي: سموه ونادوه بها للثناء عليه، أو للسؤال وطلب الحاجات {وَذَرُوا}؛ أي: أتركوا {يُلْحِدُونَ} يقال: لحد وألحد لغتان، قيل بمعنى واحد، وهو العدول عن الحق، والإدخال فيه ما ليس منه - قاله ابن السكيت - وقال غيره: العدول عن الاستقامة، والرباعي أشهر في الاستعمال من الثلاثي، قال الشاعر:

ليس الأمير بالشّحيح الملحد

والإلحاد الميل عن الوسط حسا أو معنى، والأول هو الأصل فيه، ومنه لحد القبر وهو ما يحفر في أسفل جانب القبر، مائلا عن وسطه، وألحد السهم الهدف: إذا مال في أحد جانبيه ولم يصب وسطه، ومن الثاني: ألحد فلان إذا مال عن الحق، وقيل: ألحد بمعنى مال وانحرف، ولحد بمعنى ركن وانضوى، قال الكسائي: {سَيُجْزَوْنَ}؛ أي: سيلقون جزاء عملهم.

{سَنَسْتَدْرِجُهُمْ}، الاستدراج (١) إما مأخوذ من درج الكتاب والثوب وأدرجه إذا طواه، وإما من الدرجة وهي المرقاة، فعلى الأول: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ}؛ أي: سنطويهم طي الكتاب، ونغفل أمرهم كما قال: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا} وعلى الثاني: سنأخذهم درجة بعد درجة بإدنائهم من العذاب شيئا فشيئا، كالمراقي والمنازل في ارتقائها ونزولها، وقال في «التحرير» (٢): الاستدراج استفعال من الدرج، بمعنى النقل درجة بعد درجة من سفل إلى علو، فيكون استصعادا، أو بالعكس، فيكون استنزالا، والمعنى؛ أي: نقربهم إلى الهلاك بإمهالهم وإدرار النعم عليهم، حتى يأتيهم وهم غافلون لاشتغالهم بالترفه، ولذا قيل: إذا رأيت


(١) المراغي.
(٢) الفتوحات.