للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} وفي مد الناس فيما يذم ويضر، كقوله: {قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا}، {ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ} والإقصار التقصير، ويقال أقصر عن الأمر تركه وكف عنه، وهو قادر عليه.

{فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} الاستماع (١) أخص من السمع؛ لأنّه إنّما يكون بقصد ونية، أو توجيه الحاسة إلى الكلام لإدراكه، أما السمع فيحصل ولو بغير قصد، والانصات السكوت للاستماع حتى لا يكون شاغل عن الإحاطة بكل ما يقرأ، وقال (٢) الفراء: الانصات السكوت للاستماع، يقال: نصت وأنصت وانتصت، بمعنى واحد، وقد ورد الإنصات متعديا في شعر الكميت حيث قال:

أبوك الّذي أجدى عليه بنصره ... فأنصت عنّى بعده كلّ قائل

قال: يريد فأسكت عن، {تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} والتضرع إظهار الضراعة، وهي الذلة والضعف والخضوع، والخيفة حالة الخوف والخشة، وأصله خوفة، فوقعت الواو ساكنة إثر كسرة فقلبت ياء، فهو واوي من الخوف {وَدُونَ الْجَهْرِ}؛ أي: ذكرا دون الجهر برفع الصوت، وفوق التخافت والسر، بأن يذكر ذكرا وسطا.

{بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ} والغدو جمع غدوة، وهي ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس، والآصال (٣) جمع أصل، كعنق وأعناق، أو جمع أصيل كيمين وأيمان، ولا حاجة لدعوى أنّه جمع جمع كما ذهب إليه بعضهم، إذ ثبت أنّ أصلا مفرد، وإن كان يجوز جمع أصيل على أصل .. فيكون جمعا ككثيب وكثب، وممن ذهب إلى أنّ آصالا جمع أصل، ومفرد أصل أصيل الفراء، ويقال: جئناهم موصلين؛ أي: عند الآصال {وَيُسَبِّحُونَهُ}؛ أي: ينزهونه عما لا يليق به.

{يَسْجُدُونَ}؛ أي: يصلون.


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.
(٣) البحر المحيط.