للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فصل

واختلف العلماء (١): هل الغنيمة والفيء اسمان لمسمَّى واحد أم يختلفان في التسمية؟.

فقال عطاء بن السائب: الغنيمة: ما ظهر المسلمون عليه من أموال المشركين فأخذوه عنوةً، وأما الأرض فهي فيءٌ. وقال سفيان الثوري: الغنيمة: ما أصاب المسلمون من مال الكفار عنوةً بقتال، وفيه الخمس، وأربعة أخماسه لمن شهد الوقعة، والفيء: ما صولحوا عليه بغير قتال، وليس فيه خمس، فهو لمن سمَّى الله. وقيل: الغنيمة: ما أخذ من أموال الكفار عنوةً عن قهر وغلبة، والفيء: ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركابٍ؛ كالعشور، والجزية، وأموال الصلح، والمهادنة، وقيل: إن الفيء والغنيمة معناهما واحدٌ، وهما اسمان لشيء واحد.

والصحيح: أنهما يختلفان، فالفيء: ما أخذ من أموال الكفار بغير إيجاف خيل ولا ركاب، والغنيمة: ما أخذ من أموالهم على سبيل القهر والغلبة بإيجاف خيل عليه أو ركاب. فذكر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية حكم الغنيمة، فقال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ}، يعني: من أي شيء كان، حتى الخيط والمخيط، فإنَّ لله وللرسول خمسه، وقد ذكر أكثر المفسرين والفقهاء أن قوله: {لله} افتتاح كلام على سبيل التبرك، وإنّما أضافه لنفسه تعالى لأنّه هو الحاكم فيه، فيقسمه كيف شاء، وليس المراد منه أنَّ سهمًا منه لله مفردًا؛ لأنَّ الدنيا والآخرة كلها لله تعالى كما مرَّ.

وروى الجعفي عن هارون عن أبي عمرو (٢): {فإنّ لله} بكسر الهمزة، وحكاها ابن عطية عن الجعفي عن أبي بكر عن عاصم، ويقوِّي هذه القراءة قراءة النخعي: {فلِلَّهِ خُمُسُه}. وقرأ الحسن وعبد الوارث عن أبي عمرو: {خُمْسَه}


(١) الخازن.
(٢) البحر المحيط.