للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهو دين الرحمة والعدل - لا يبيح شيئًا من ذلك.

وقرأ أبو الدرداء وأبو حيوة (١): {ما كان للنَّبي} معرفًا، والمراد به في التعريف والتنكير: الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولكن في التنكير إبهام في كون النفي لم يتوجه عليه معينًا، وهو هنا على حذف مضاف؛ أي: ما كان لأصحاب نبيٍّ، أو لأتباع نبي، فحذف اختصارًا, ولذلك جاء الجمع بعده في قوله: تريدون عرض الدنيا, ولم يجىء التركيب: تريد أو يريد عرض الدنيا؛ لأنَّه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر باستبقاء الرجال وقت الحرب، ولا أراد عرض الدنيا قط، وإنَّما فعله جمهور مباشري الحرب. وقرأ أبو عمرو: {أن تكون} على تأنيث لفظ الجمع، وباقي السبعة والجمهور على التذكير على المعنى، لكن في قراءة (٢) التاء الفوقية .. تتعين الإمالة في {أسرى}، وعلى قراءة الياء التحتية تجوز الإمالة وتركها. اهـ.

وقرأ الجمهور والسبعة. {أَسْرَى} على وزن فعلى، وهو قياس فعيل بمعنى مفعول إذا كان آفةً، كجريح وجرحى. وقرأ يزيد بن القعقاع والمفضل عن عاصم: {أسارى} وشبَّه فعيلٌ بفعلان، نحو كسلان وكسالى، كما شبهوا كسلان بأسير فقالوا فيه جمعًا: كسلى، قاله سيبويه، وهما شاذَّان، وزعم الزجاج أنَّ أسارى جمع أسرى، فهو جمع جمع.

وقرأ أبو جعفر ويحيى بن يعمر ويحيى بن وثَّاب: {حتى يثخِّن} مشدَّدًا، {عدوه} بالتضعيف، والجمهور بالتخفيف، وعدوه بالهمزة؛ إذ كان قبل التعدية ثخن. وقرىء: {يريدون} بالياء من تحت، وقرأ الجمهور: {الآخرة} بالنصب, وقرأ سليمان بن جمَّاز المدني بالجر، واختلفوا في تقدير المضاف المحذوف، فمنهم من قدره: عرض الآخرة، قال: وحذف لدلالة عرض الدنيا عليه، قال بعضهم: وقد حذف العرض في قراءة الجمهور، وأقيم المضاف إليه مقامه في الإعراب, فنصب. وممن قدره عرض الآخرة: الزمخشريُّ قال: على التقابل, يعني: ثوابها. انتهى.


(١) البحر المحيط.
(٢) الفتوحات.