للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفداء: {إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ} سبحانه وتعالى {فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا}؛ أي: إيمانًا وعزمًا على طاعة الله ورسوله في جميع التكاليف، وتوبةً من الكفر وجميع المعاصي .. {يُؤْتِكُمْ} الله سبحانه وتعالى ويعوضكم في هذه الدنيا رزقًا {خَيْرًا} وأنفع لكم {مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ} من الفداء، أو في الآخرة بما يكتبه لكم من المثوبة بالأعمال الصالحة {وَيَغْفِرْ لَكُمْ} ما سلف منكم قبل الإيمان من كفركم وقتالكم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. {وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {غَفُورٌ} لمن آمن وتاب من كفره وآثامه {رَحِيمٌ} بالمؤمنين من أهل طاعته، فيشملهم بعنايته وتوفيقه، ويعدهم للسعادة في الدنيا والآخرة، وفي ذلك من الحض على الإِسلام والدعوة إليه ما لا يخفى.

وقرأ الجمهور (١): {مِنَ الْأَسْرَى} معرفًا وابن محيصن: {من أسرى} منكرًا، وقتادة وأبو جعفر وابن أبي إسحاق ونصر بن عاصم وأبو عمرو من السبعة: {من الأُسَارى} - بضم الهمزة وفتح السين بعدها ألف - وبالإمالة.

واختلف عن الحسن وعن الجحدري. وقرأ الأعمش: {يثبكم خيرًا} من الثواب، وقرأ الحسن وأبو حيوة وشيبة وحميد: {مما أَخذ} مبنيًّا للفاعل.

٧١ - ولمَّا ذكر ما ذكره من العوض لمن علم في قلبه خيرًا .. ذكر من هو على ضد ذلك منهم، فقال: {وَإِنْ يُرِيدُوا}؛ أي: وإن يرد - يا محمَّد - هؤلاء الأسرى - الذين أسرتموهم في بدر وفاديتموهم بالمال - بما قالوا لك بألسنتهم من أنهم قد آمنوا بك وصدقوك {خِيَانَتَكَ}؛ أي: مخادعتك ومماكرتك، ولم يكن ذلك منهم عن عزيمة صحيحة ونية خالصة .. فاعلم أنَّه ليس ذلك بمستبعد منهم؛ {فـ} إنَّهم {قد} فعلوا ما هو أعظم من ذلك، وهو أنَّهم {خَانُوا اللَّهَ} سبحانه وتعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - {مِنْ قَبْلُ}؛ أي: من قبل هذا الأسر والظفر بهم بما أقدموا عليه من كفرهم بالله ومحاربتهم رسوله - صلى الله عليه وسلم - {فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ}؛ أي: مكَّنك منهم بأن نصرك عليهم في يوم بدر، فقتلت منهم من قتلت، وأسرت من أسرت {وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {عَلِيمٌ} بما في ضمائرهم ونياتهم من الخيانة وضدِّها {حَكِيمٌ} فيما


(١) البحر المحيط.