للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَأَنْزَلَ} الله تعالى مع هذه السكينة من السماء {جُنُودًا} من الملائكة {لَمْ تَرَوْهَا} بأبصاركم، بل وجدتم أثرها في قلوبكم بما عاد إليها من الثبات وشدة البأس، وهم الملائكة أنزلهم لتقوية قلوب المؤمنين، بإلقاء الخواطر الحسنة في قلوبهم، وإلقاء الرعب في قلوب المشركين، لا للقتال؛ لأن الملائكة لم تقاتل إلا في يوم بدر، {وَعَذَّبَ} أعداءكم {الَّذِينَ كَفَرُوا} بالله ورسوله بالقتل والأسر والسبي، وهم قوم مالك بن عوف الدهماني، وقوم كنانة بن عبد يا ليل الثقفي {وَذَلِكَ} التعذيب بالقتل والأسر {جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} بالله ورسوله في الدنيا، ما داموا يستحبون الكفر على الإيمان، ويعادون أهله ويقاتلونهم عليه،

٢٧ - {ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ} سبحانه وتعالى {مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} التعذيب الذي وقع عليهم في الدنيا بالأسر والخذلان {عَلَى مَنْ يَشَاءُ} التوبة عليه من الكافرين فيهديهم إلى الإسلام إذا لم تحط بهم خطيئات الشرك وخرافاته، ولم يختم على قلوبهم بالإصرار على الجحود والتكذيب {وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {غَفُورٌ} لمن تاب {رَحِيمٌ} لمن آمن وعمل صالحًا؛ أي: وهو تعالى غفور لهم، يتجاوز عمّا سلف منهم من الكفر والمعاصي، رحيم بهم يتفضل عليهم، ويثيبهم بالأجر والجزاء.

فصلٌ في وفد هوازن وإسلامهم وغنائمهم

وروي عن المسور بن مخرمة وغيره، أن ناسًا منهم (١) جاؤوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبايعوه على الإسلام، وقالوا: يا رسول الله، أنت خير الناس، وأبو الناس، وقد سبي أهلونا وأولادنا، وأخذت أموالنا، فقال - صلى الله عليه وسلم - "إن ما عندي ما ترون، إن خير القول أصدقه، اختاروا إما ذراريكم ونساءكم وإما أموالكم". قالوا: ما كنا نعدل بالأحساب شيئًا وهي مفاخر الآباء الذراري والنساء، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "إن هؤلاء جاؤونا مسلمين، وإنّا خيرناهم بين الذراري والأموال، فلم يعدلوا بالأحساب شيئًا، فمن كان بيده أسير، وطابت نفسه أن يرده .. فشأنه - أي: فيلزم شأنه - ومن لا .. فليعطنا، وليكن قرضًا علينا حتى نصيب شيئًا فنعطيه مكانه"،


(١) المراغي.