للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالإذن، ولكن لا يقيمون فيها أكثر من ثلاثة أيام، روى مسلم عن ابن عمر، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: "لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب، فلا أترك فيها إلا مسلمًا" وفي رواية لغير مسلم: وأوصى، فقال: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب" فلم يتفرغ لذلك أبو بكر، وأجلاهم عمر في خلافته، وأخرج مالك في "الموطأ" مرسلًا: "لا يجتمع دينان في جزيرة العرب" وروي عن مسلم عن جابر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: "إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم".

٣ - سائر بلاد الإسلام: فيجوز للكافر أن يقيم فيها بعهد وأمان وذمة، ولكن لا يدخل المساجد إلا بإذن مسلم، وقرأ الجمهور: {نَجَس}، بفتح النون والجيم، وهو مصدر نجس نجسًا بكسر الجيم وضمها في الماضي؛ أي: قذر قذرًا، وقرأ أبو حيوة (١): {نِجْس} بكسر النون وسكون الجيم، وهو اسم فاعل، من نجس، فخففوه بعد الاتباع، كما قالوا: في كبِد كبْد، وفي كرش كرش، وقرأ ابن السميقع: {أنجاس} فيحتمل أن يكون جمع نجس المصدر، وجمع نجس اسم فاعل.

ولما امتنع المشركون من دخول الحرم، وكانوا يتجرون ويأتون مكة بالطعام، وكانت معايش أهل مكة من التجارات، فخافوا الفقر وضيق العيش، وذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. أنزل الله تعالى قوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ} أيها المؤمنون بسبب امتناع المشركين من مكة {عَيْلَةً}؛ أي: فقرًا بسبب قلة جلب الأقوات، وضروب التجارات التي كان يجلبها المشركون، من أرباب المزارع في الشعاب، والوديان من البلاد ذات البساتين والمزارع، كالطائف وأرباب المتاجر {فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ} سبحانه وتعالى {مِنْ فَضْلِهِ} ورزقه وعطائه من وجه آخر {إِنْ شَاءَ اللَّهُ} سبحانه وتعالى ذلك، وفضله كثير، فقد صاروا بعد الإسلام ومنع المشركين من الحرم أغنى مما كانوا قبل ذلك، فقد تعددت وسائل الغنى فيما بعد، وصدق


(١) البحر المحيط.