للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعد أولياءه لا أولياء الشيطان وذوي الخرافات والأوهام وقرأ (١) ابن مسعود، وابن مصرف: {هل يصيبا} مكان {لَنْ يُصِيبَنَا} وقرأ ابن مصرف أيضًا، وأعْيَنُ قاضي الري: {هل يصيبنا} بتشديد الياء، وهو مضارع فَيْعَلَ، نحو: بيطر، لا مضارع فَعَّلَ، إذ لو كان كذلك لكان صوب مضعف العين.

٥٢ - {قُلْ} يا محمد لهؤلاء المنافقين {هَلْ تَرَبَّصُونَ} وتنتظرون {بِنَا} أيا الجاهلون {إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} أي: إلا إحدى العاقبتين الحسنتين، إما النصرة، أو الشهادة، وكلاهما مما يحسن لدينا، فالنصرة مآلها إلى الغلبة والاستيلاء، والشهادة مآلها إلى الجنة، والحسنى: تأنيث الأحسن، والاستفهام (٢) فيه للتقريع والتوبيخ مع الإنكار؛ أي: ما تنتظرون بنا إلا إحدى الحالتين الشريفتين، النصر أو الشهادة، وذلك لأن (٣) المسلم إذا ذهب إلى الغزو، فإن صار مغلوبًا مقتولًا .. فاز بالاسم الحسن في الدنيا، وهي الرجولية والشوكة، وبالثواب العظيم الذي أعده الله للشهداء في الآخرة، وإن صار غالبًا .. فاز في الدنيا بالمال الحلال، والاسم الجميل، وفي الآخرة بالثواب العظيم، وقرأ البزي وابن فليح: {هل تربصون} بإظهار اللام، وتشديد التاء، وقرأ الكوفيون: بإدغام اللام في التاء، وقرأ الباقون: بإظهار اللام، وتخفيف التاء، {وَنَحْنُ} معاشر المؤمنين {نَتَرَبَّصُ} وننتظر {بِكُمْ} أيها المنافقون إحدى السوأتين؛ أي: إحدى الحالتين الخسيستين، إما {أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ}؛ أي: بقارعة سماوية، لا كسب لنا فيها، كما فعل بالأمم المكذبة لرسلها، كأن ينزل عليكم صاعقةً من السماء، كما نزلت على عاد وثمود {أَوْ} بعذاب {بِأَيْدِينَا} وهو القتل على الكفر؛ أي: أو أن يأذن لنا بقتالكم إن أغراكم الشيطان بإظهار كفركم؛ أي: إنَّ (٤) المنافق إذا قعد فيه بيته .. كان مذمومًا منسوبًا إلى الجبن وضعف القلب، والرضا بأمر يشاركه فيه النسوان والصبيان والعاجزون، ثم يكون أبدًا خائفًا على نفسه وولده وماله، وإن إذن الله في قتله .. وقع في القتل والأسر والنهب مع


(١) البحر المحيط.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراح.
(٤) المراح.