للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الذل، وإن مات .. انتقل إلى العذاب الدائم في الآخرة.

والمعنى: أو يصيبكم بأيدي المؤمنين، بأن يظفرنا بكم، ويظهرنا عليكم، وقرأ ابن محيصن (١): {إلا حدى} بإسقاط الهمزة، قال ابن عطية: فوصل ألف إحدى، وهذه لغة، وليست بالقياس، وهذا نحو قول الشاعر:

يَابَا الْمُغِيْرَةِ رُبَّ أَمْرٍ مُعْضَلٍ

وقول الآخر:

إِنْ لَمْ أُقاتِل فَالبِسَنِّي بُرْقُعَا

{فَتَرَبَّصُوا} بنا إحدى الحالتين الشريفتين {إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ}؛ أي: منتظرون وقوعكم في إحدى الحالتين الخسيستين، وقال الحسن (٢): فتربصوا مواعيد الشيطان، إنا متربصون مواعيد الله من إظهار دينه واستئصال من خالفه.

والمعنى: فتربصوا بنا إنا معكم متربصون من عاقبتنا وعاقبتكم، إن أصررتم على كفركم، وظهر أمركم، فنحن على بينة من ربنا، ولا بينة لكم، فإذا لقي كل منا ومنكم ما يتربصه، لا نشاهد إلا ما يسوؤكم، ولا تشاهدون إلا ما يسرنا، والدين لا يأمر بقتل المنافق ما دام يظهر الإسلام، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة.

٥٣ - {قُلْ} يا محمد لهؤلاء المنافقين القائلين: ذرونا نكن مع القاعدين، ونعينكم بالأموال، كالجد بن قيس وأشباهه حين قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إئذن لي في القعود، وهذا مالي أعينك به، كما مر في مبحث الأسباب.

{أَنْفَقُوا} أموالكم {طَوْعًا} واختيارًا؛ أي: من غير إلزام من الله ورسوله {أَوْ كَرْهًا}؛ أي: إلزامًا، منهما وسمى (٣) الإلزام إكراهًا؛ لأن إلزام المنافقين بالإنفاق كان شاقًّا عليهم كالإكراه.


(١) البحر المحيط.
(٢) الخازن.
(٣) المراغي.