للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لمن له عقل؛ أي: قل لهم (١): إن الخوض واللعب في صفات الله وشرعه وآياته المنزلة ورسوله استهزاء بها، إذ كل ما يلعب به، فهو مستخف به، وكل مستخف به، فهو مستهزأ به.

وقصارى ذلك: ألم تجدوا ما تستهزئون به في خوضكم ولعبكم إلا الله وآياته ورسوله، فقصرتم ذلك عليهما، فهل ضاقت عليكم سبل القول، فلم تجدوا ما تخوضون فيه، وتلعبون به غير هذا، ثم بعدئذٍ تظنون أن معاذيركم بمثل هذا تقبل، وتدلون بها بلا خوف ولا خجل؛

٦٦ - {لَا تَعْتَذِرُوا} بالاعتذارات الباطلة، فلن نقبلها منكم؛ أي لا تذكروا هذا العذر الباطل، لدفع هذا الجرم العظيم، فإنَّ ذلك غير مقبول منكم؛ لأن الإقدام على الكفر لأجل اللعب لا ينبغي أن يكون، فاعتذاركم إقرارٌ بذنبكم، فهو كما يقال: عذر أقبح من الذنب. ونقل الواحدي عن أئمة اللغة، أن معنى الاعتذار هو أثر الذنب وقطعه، من قولهم: اعتذر المنزل إذا درس واعتذرت المياه إذا انقطعت، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في مبحث التصريف؛ أي: لا تعتذروا فـ {قَدْ كَفَرْتُمْ}؛ أي: أظهرتم الكفر بما وقع منكم من الاستهزاء المذكور، {بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}؛ أي: بعد إظهاركم الإيمان مع كونكم تبطنون الكفر {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ}؛ أي: إن نعف عن جماعة منكم هذا الاستهزاء، لتوبتهم وإنابتهم إلى ربهم كمخشي بن حمير {نُعَذِّبْ طَائِفَةً} أخرى منكم لإجرامهم وإصرارهم عليه، {بـ} سبب {أنهم كانوا مجرمين}؛ أي: مصرين مستمرين على الإجرام والنفاق، لم يتوبوا منه، قال الزجاج: الطائفة: الجماعة، قال ابن الأنباري: ويطلق لفظ الجمع على الواحد عند العرب.

وخلاصة ذلك: أن من تاب من كفره ونفاقه .. عفي عنه، ومن أصر عليه، وأظهره .. عوقب به.

روي (٢): أن الطائفتين كانوا ثلاثة، فالواحد: طائفة، وهو جهير بن حمير


(١) المراغي.
(٢) المراح.