للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عملكم بصلاح طويتكم .. فإن الله يتقبل منكم توبتكم، ويغفر لكم حوبتكم، ويعاملكم الرسول بما يعامل به المؤمنين الذين أخلصوا، وصدقوا، وشهدت لهم أعمالهم بذلك وإن أنتم أبيتم إلا الإصرار على النفاق والاعتماد على رواج سوق الكذب بتلك الأيمان التي تحلفونها .. فسيعاملكم الرسول بما أمره الله به من جهادكم، والإغلاظ عليكم كإخوانكم الكفار المجاهرين.

وفي هذا: إيماء إلى الرغبة في توبتهم حين سنوح الفرصة {ثُمَّ تُرَدُّونَ}؛ أي: ثم ترجعون يوم القيامة {إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ}؛ أي: إلى عالم ما غاب، وخفي عنا من ضمائركم وغيرها {و} عالم {الشهادة} أي: عالم ما شوهد، وظهر لنا من ظواهركم وغيرها {فَيُنَبِّئُكُمْ}؛ أي: فيخبركم عند وقوفكم بين يديه {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} في الدنيا، ويجازيكم عليه بما تستحقون، وهو ما أوعدكم به في كتابه الكريم في هذه السورة وفي غيرها: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}.

ولا يخفى ما في قوله (١): {ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} من التهديد، والتخويف الشديد لما اشتمل عليه من وضع الظاهر موضع المضمر، لإشعار ذلك بإحاطته بكل شيء يقع منهم، مما يكتمونه، ويتظاهرون به، وإخباره لهم به ومجازاتهم عليه. ثم ذكر أن هؤلاء المعتذرين بالباطل سيؤكدون ما جاؤوا به من الأعذار الباطلة بالحِلف عند رجوع المؤمنين إليهم من الغزو وغرضُهم من هذا التأكيد: هو أن يُعرْض المؤمنون عنهم، فلا يوبخونهم، ولا يؤاخذونهم بالتخلف، ويظهرون الرضا عنهم،

٩٥ - كما يفيده ذكر الرضا من بعد فقال: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ}؛ أي: سيؤكدون لكم اعتذارهم بما يحلفون به من كاذب الإيمان، {إِذَا انْقَلَبْتُمْ} من سفركم ورجعتم إليهم {لِتُعْرِضُوا عَن} العتب عليـ {هم} والتوبيخ لهم على قعودهم مع الخالفين، من العجزة والنساء والأطفال، وعلى البخل بالنفقة والمال، {فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ}؛ أي: فأعرضوا عنهم، إعراضَ الإهانة


(١) الشوكاني.