للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأفعالًا .. ذكر هنا، أن منهم: من بالغ في الشر حتى ابتنى مجمعًا للمنافقين، يدبرون فيه ما شاؤوا من الشر وسموه مسجدًا.

قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر (١) فضائح المنافقين بسبب تخلفهم عن غزوة تبوك، وأصناف المقصرين من المؤمنين .. أردف ذلك بذكر حال المؤمنين الصادقين في إيمانهم، البالغين فيه حد الكمال، وبذا تم معرفة جميع أحوال المؤمنين.

قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: لما (٢) كان الكلام من أول السورة إلى هنا براءة من الكفار والمنافقين في جميع الأحوال بين الله سبحانه هنا أنه يجب البراءة من أمواتهم، وإن قربوا غاية القرب كالأب والأم، ثم ذكر السبب الذي لأجله استغفر إبراهيم لأبيه، وهو وعده بالاستغفار بقوله: {لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} فلما أصر على كفره، تبرأ منه وبعدئذٍ بين رحمته بعباده، وأنه لا يعاقبهم على شيء إلا بعد بيان شافٍ لما يعاقبون عليه.

قوله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ...} الآية، مناسبة (٣) هذه الآية لما قبلها أنه سبحانه وتعالى لما قدم الكلام في أحوال المنافقين، من تخلفهم عن غزوة تبوك، واستطرد إلى تقسيم المنافقين إلى أعراب وغيرهم، وذكر ما فعلوا من مسجد الضرار، وذكر مبايعة المؤمنين الله في الجهاد وأثنى عليهم، وأنه ينبغي أن يباينوا المشركين، حتى الذين ماتوا منهم بترك الاستغفار لهم .. عاد إلى ذكر ما بقي من أحوال غزوة تبوك، وهذه شنشنة كلام العرب، يشرعون في شيء، ثم يذكرون بعده أشياء مناسبة، ويطيلون فيها، ثم يعودون إلى ذلك الشيء الذي كانوا شرعوا فيه.


(١) المراغي.
(٢) المراغي.
(٣) البحر المحيط.