للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في أمر الدعوة، فقد قال تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)} ثم أمر بالدعوة العامة وقتال من يقف في طريقها من المشركين فقال: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} انتهت.

قوله تعالى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا ...} الآية، مناسبتها لما قبلها: أن الله (١) سبحانه وتعالى لما ذكر ضروبًا من مخازي المنافقين، كتخلفهم عن غزوة تبوك وتعلقهم لذلك بالأيمان الفاجرة .. ذكر هنا ضروبًا أخرى من تلك المثالب، كتهكمهم بالقرآن، وتسللهم لواذًا حين سماعه، وهذا آخر ما نزل مما يبين تأثير القرآن فيهم، وفي المؤمنين.

قوله تعالى: {أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ ...} الآية، مناسبتها: أنه تعالى لما ذكر أنهم (٢) بموتهم على الكفر رائحون إلى عذاب الآخرة .. ذكر أنهم أيضًا في الدنيا لا يخلصون من عذابها.

قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ...} الآية، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما (٣) بدأ السورة ببراءة الله ورسوله من المشركين، وقص فيها أحوال المنافقين شيئًا فشيئًا خاطب العرب على سبيل تعداد النعم عليهم، والمن عليهم بكونهم جاءهم رسول من جنسهم، أو من نسبهم، عربيًّا قرشيًّا يبلغهم عن الله، متصف بالأوصاف الجميلة، من كونه يعز عليه مشقتهم في سوء العاقبة من الوقوع في العذاب، ويحرص على هداهم ويرأف بهم ويرحمهم.

وعبارة المراغي: مناسبتها لما قبلها: أنه تعالى لما أمر رسوله في هذه السورة أن يبلغ الخلق تكاليف شاقة يعسر تحملها إلا على من خص بوجوه التوفيق والكرامة .. ختمها بما يوجب تحملهم تلك التكاليف، فبين أن هذا الرسول منهم، فما يحصل له من عز وشرف فهو عائد إليهم، إلا أنه يشق عليه ضررهم وتعظم رغبته في إيصال خيري الدنيا والآخرة إليهم، فهو كالطبيب المشفق، والأب الرحيم عليهم، والطبيب الحاذق، ربما أقدم على علاج يصعب تحمله، والأب الرحيم


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.
(٣) البحر المحيط.