للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحرب يشارك الجيش في الغنيمة لأن وطء ديارهم مما يغيظهم، ثم علل هذا الأجر العظيم بقوله: {إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {لا يضيع أجر المحسنين}؛ أي: لا يبطل ولا يترك ثوابهم؛ أي: لا يترك إثابتهم على إحسانهم وهو تعليل (١) لكتب، وتنبيه على أن الجهاد إحسان، أما في حق الكفار؛ فلأنه سعى في تكميلهم بأقصى ما يمكن، كضرب المداوي للمجنون، وأما في حق المؤمنين؛ فلأنه صيانة لهم عن سطوة الكفار واستيلائهم؛ أي: إن الله تعالى لا يضيع محسنًا أحسن في عمله، فأطاعه فيما أمره به، وانتهى عما نهاه عنه أن يجازيه على إحسانه، ويثيبه على صالح عمله، ومن ثم كتب لمن أطاعه من أهل المدينة، ومن حولهم من الأعراب الثواب على كل ما فعلوا، فلم يضع لهم أجرًا على عمل عملوه.

والخلاصة: أن هؤلاء محسنون ولا يبطل ثوابهم.

١٢١ - {وَلَا يُنْفِقُونَ} في سبيل الله، {نَفَقَةً صَغِيرَةً} ولو تمرة أو علاقة سوط، {وَلَا} نفقة {كبيرة} كما أنفق عثمان في جيش العسرة، {وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا} من الأودية؛ أي: ولا يجاوزون في مسيرهم في سبيل الله واديًا مقبلين، أو مدبرين فيه، {إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ}؛ أي: إلا كتب الله لهم آثارهم وخطاهم، ونفقاتهم في صحائف أعمالهم، {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ} سبحانه وتعالى، {أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}؛ أي: لكي يجزيهم الله تعالى الجزاء الحسن؛ والثواب الوافر على جميع ما يعملونه في سبيل الله تعالى، قليلًا أو كثيرًا.

والمعنى: أي كذلك شأنهم فيما ينفقون في سبيل الله صغر أو كبر، قل أو كثر، وفي كل وادٍ يقعطونه في سيرهم غادين، أو رائحين إلا كتب لهم أجرهم على ذلك جزاءً لهم على عملهم، ولا يترك شيء منه أو ينسى ليجزيهم بكتابته في صحف أعمالهم، كأحسن ما يجزيهم على خير أعمالهم التي كانوا يعملونها وهم مقيمون في منازلهم.

وخلاصة ذلك: أنه تعالى يجزيهم بكل عمل مما ذكر، جزاءً أحسن من


(١) البيضاوي.