للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أجرا، فأما إذا لم يتعيّن، فيجوز له أخذ الأجرة، بدليل السنة في ذلك، كما إذا كان الغسّال في موضع لا يوجد فيه من يغسل الميت غيره، كما في القرى، والنّواحي، فلا أجر له لتعيّنه لذلك، وأما إذا كان ثمّة ناس غيره، كما في الأمصار، والمدن، فله الأجر حيث لم يتعيّن عليه، فلا يأثم بالترك، وقد يتعيّن عليه، إلا أنه ليس عنده ما ينفقه على نفسه، ولا على عياله، فلا يجب عليه التعليم، وله أن يقبل على صنعته، وحرفته، ويجب على الإمام أن يعيّن له شيئا، وإلا فعلى المسلمين؛ لأنّ الصدّيق - رضي الله عنه - لمّا ولي الخلافة وعيّن لها، لم يكن عنده ما يقيم به أهله، فأخذ ثيابا، وخرج إلى السوق، فقيل له في ذلك، فقال: ومن أين أنفق على عيالي، فردوه وفرضوا له كفايته. وكذا يجوز للإمام، والمؤذن، وأمثالهما أخذ الأجرة، وبيع المصحف ليس بيع القرآن، بل هو بيع الورق وعمل أيدي الكاتب.

وقالوا في زماننا: تغيّر الجواب في بعض المسائل، لتغيّر الزمان، وخوف اندراس العلم والدّين.

منها: ملازمة العلماء أبواب السلاطين.

ومنها: خروجهم إلى القرى لطلب المعيشة.

ومنها: أخذ الأجرة لتعليم القرآن، والأذان، والإمامة.

ومنها: العزل عن الحرّة بغير إذنها.

ومنها: السلام على شربة الخمور، ونحوها، فأفتى بالجواز فيها، خشية الوقوع فيما هو أشدّ منها وأضرّ. كذا في «نصاب الأحساب»، وغيره.

٤٣ - ثم ذكر لزوم الشرائع لهم بعد الإيمان، فقال: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} خطاب (١) لبني إسرائيل؛ أي: اقبلوا يا بني إسرائيل! وجوب الصلوات الخمس المفروضة، واعتقدوا فرضيتها، وأدوها بشرائطها، وأركانها، وآدابها في أوقاتها المحدودة لها، كصلاة المسلمين، فإن غيرها ك: لا صلاة {وَآتُوا الزَّكاةَ}؛ أي: اعطوا


(١) روح البيان.