للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يبغي فيها على سرعة زوالها وانقضائها، وأنها بحال ما تعز وتسر تضمحل، ويؤول أمرها إلى الفناء.

وعبارة المراغي هنا: مناسبة هذ الآية لما قبلها: أنه لما (١) كان سبب بغي الناس في هذه الحياة الدنيا هو إفراطهم في حبها والتمتع بزينتها .. ضرب بذلك مثلًا يصرف العاقل عن الغرور بها ويرشده إلى الاعتدال في طلبها، والكف عن التوسل في الحصول على ذاتها بالبغي، والظلم والفساد في الأرض، فشبه حال الدنيا، وقد أقبلت بنعيمها وزينتها، وافتتن الناس بها بعد أن تمكنوا من الاستمتاع بها، ثم أسرع ذلك النعيم في التقضي وانصرم غب إقباله واغترار الناس به بحال ما على الأرض من أنواع النبات يسوق الله إليها المطر، فيلتف بعضها على بعض، وتصبح بهجة للناظرين، ثم لا تلبث أن تنزل بها فجأة جائحة، تستأصلها وتجعلها حطامًا، كأن لم تغن بالأمس.

قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما بين غرور المشركين الجاهلين بمتاع الدنيا، وضرب لهم الأمثال على ذلك .. أردف ذلك بالترغيب في الآخرة، ووصف حال المحسنين والمسيئين فيها.

وقال أبو حيان: مناسبتها لما قبلها: أنه سبحانه وتعالى لما ذكر (٢) مثل الحياة الدنيا وما يؤول إليه من الفناء والاضمحلال، وما تضمنه من الآفات والعاهات .. ذكر تعالى أنه داع إلى دار السلامة والصحة والأمن، وهي الجنة إذ أهلها سالمون من كل مكروه.

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ ....}، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه سبحانه وتعالى لما ذكر ما أعد للذين أحسنوا، وحالهم يوم القيامة، ومآلهم إلى الجنة .. ذكر ما أعد لأضدادهم وحالهم ومآلهم.


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.