للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والصلاة وبالثاني: أنهم موقنون بالبعث وبحصول الثواب على ما ذكر.

والخلاصة (١): أي لا تثقل الصلاة على الخاشعين الذين يتوقعون لقاء ربهم يوم الحساب والجزاء، وأنهم راجعون إليه بعد البعث، فيجازيهم بما قدموا من صالح العمل. وعبر بالظن؛ للإشارة إلى أن من ظن اللقاء لا تشقّ عليه الصلاة، فما ظنك بمن يتيقنه، ومن ثم كان الاكتفاء بالظن أبلغ في التقريع والتوبيخ، فكأنّ هؤلاء الذين يأمرون الناس بالبر، وينسون أنفسهم، لم يصل إيمانهم بكتابهم إلى درجة الظن الذي يأخذ صاحبه بالأحوط في أعماله،

٤٧ - ثم ذكّرهم سبحانه وتعالى، بنعمه، وآلائه العديدة مرة أخرى، فقال: {يا بَنِي إِسْرائِيلَ}؛ أي: يا أولاد العبد الصالح! المطيع لربه، المسمى بإسرائيل؛ أي: بعبد الله {اذْكُرُوا}؛ أي: اشكروا {نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ} بها {عَلَيْكُمْ}؛ أي (٢): على آبائكم بإنزال المنّ والسلوى، وتظليل الغمام، وتفجير الماء من الحجر، وغيرها. وذكر النعم على الآباء، إلزام الشكر على الأبناء، فإنهم يشرفون بشرفهم، ولذلك خاطبهم، فقال: {أَنِّي فَضَّلْتُكُمْ} ولم يقل: فضلت آباءكم؛ لأن في فضل آبائهم فضلهم، وهذا تأكيد لما تقدّم، وتمهيد لما عطفه عليه من التذكير بالتفضيل، الذي هو من أجل النعم وَاذكروا {أَنِّي فَضَّلْتُكُمْ}؛ أي: فضّلت آباءكم عَلَى {الْعالَمِينَ} من عطف الخاص على العام للتشريف؛ أي: فضلت آباءكم على عالمي زمانهم؛ بما منحتهم من العلم، والإيمان، والعمل الصالح، وجعلتهم أنبياء، وملوكا مقسطين، وهم آباؤهم الذين كانوا في عصر موسى عليه السلام وبعده، قبل أن يغيّروا، وهذا كما قال في مريم: {وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ}؛ أي: نساء زمانك، فإن خديجة، وعائشة، وفاطمة، أفضل منها، فلم يكن لهم فضل على أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم. قال تعالى في حقهم: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، كما في «التيسير». فالاستغراق في {الْعالَمِينَ} عرفيّ لا حقيقيّ والمعنى؛ أي (٣): وأعطيتكم الفضل والزيادة على


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.