للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بين في سابق الآيات، أن فضله على عباده كثير، وأن الواجب عليهم أن يشكروه بدوام طاعته وترك معصيته، وأن القليل منهم هم الشاكرون .. أردف ذلك بتذكيرهم بإحاطة علمه بشؤونهم وأعمالهم، ما دق منهم وما عظم، في جميع ملكوت السموات والأرض، حتى يحاسبوا أنفسهم على تقصيرهم في ذكره وشكره وعبادته.

قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ...} الآية، مناسبة (١) هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما بين لعباده سعة علمه ومراقبته لعباده وإحصاء أعمالهم وجزاءهم عليها وذكرهم بما يجب عليهم، من شكره على تفضله عليهم .. ذكر هنا حال الشاكرين المتقين، الذين لهم حسن الجزاء يوم القيامة.

قوله تعالى: {وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما بين لرسوله - صلى الله عليه وسلم - صفة أوليائه، وما بشرهم به، ووعدهم في الدنيا والآخرة، وفي هذا إيماء إلى الوعد بنصره ونصر من آمن به، من أوليائه وأنصار دينه على ضعفهم وفقرهم، وكان أعداؤهم يغترون بقوتهم في مكة بكثرتهم، وكانوا لغرورهم بها يكذبون بوعد الله، وكان ذلك مما يحزنه كما قال: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} .. أردف ذلك بتسليته له - صلى الله عليه وسلم - على ما يلقاه من أذى أعدائه، وتبشيره بالنصر والعزة والوعيد لأوليائه.

قوله تعالى: {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما حكى أن من المشركين من اتخذوا الأوثان والأصنام شفعاء عنده تعالى .. أردف ذلك بذكر ضرب آخر من أباطيلهم، وهو زعمهم أنه تعالى جده اتخذ ولدًا، وتلك مقالة اشترك فيها المشركون واليهود والنصارى على السواء.


(١) المراغي.