للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من الخلاف، وذلك تسلية للرسول، - صلى الله عليه وسلم -، وليتأسى بمن قبله من الأنبياء، فيخف عليه ما يلقى منهم من التكذيب، وقلة الأتباع، وليعلم المتلو عليهم هذا القصص عاقبة من كذب الأنبياء، وما منح الله تعالى، نبيه من العلم بهذا القصص، وهو لم يطالع كتابًا ولا صحب عالمًا، وإنها طبق ما أخبر به، فدل ذلك على أن الله أوحاه إليه وأعلمه به، وأنه نبي لا شك فيه.

وعبارة المراغي هنا: مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما (١) ذكر عناد المشركين لرسوله - صلى الله عليه وسلم -، وتكذيبهم له، بعد أن قامت البراهين على صدقه .. أردف ذلك بذكر أقوام الرسل قبله تسلية له، - صلى الله عليه وسلم -، وبيانًا بأن قومه لم يكونوا بدعًا في عنادهم وتكذيبهم له، بل سبقهم في مثل فعلهم كثير من سالفي الأمم، وكانت العاقبة فوز الرسل عليهم، وأمّ الله لهم النصر، فلعل أولئك القوم يتدبرون حالهم، فينزجروا بما فيه مزدجر لهم، ويعترفوا بصدقه، - صلى الله عليه وسلم -، ويؤمنوا به قبل أن تفوت الفرصة السانحة، فيندمون، ولات ساعة مندم.

قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما (٢) ذكر قصص نوح مع قومه، وبين عاقبة أمرهم حين كذبوه ونصر الله له عليهم .. بين هنا عبرة أخرى من عبر مكذبي الرسل، وسنةً من سننه فيهم، عسى أن يعتبر بها أهل مكة، فيعلموا أن لله سننًا لا تبديل فيها، ولا تحويل، فيتقوا مثل تلك العاقبة التي حلت بمن قبلهم، من المكذبين من قوم نوح وغيرهم، واتقاؤه في مكنتهم، وهو بأيديهم يمكنهم أن يجتنبوه ويبتعدوا عن أسبابه كالكفر والاعتداء والظلم ونحوها.

قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ ...} الآية، أفردت قصة موسى وهارون مع فرعون وملئه، وفصلت تفصيلًا وافيًا، لما لها من شديد الخطر وعظيم الأثر إذ فيها من العبرة أن قوة الحق تثل العروش وتهد أركان الباطل، وإن علا أصحابه فقد كان الفَلْج والظفر لموسى على ذلك الطاغية، الذي قال:


(١) المراغي.
(٢) المراغي.