للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وملئه وخوف بني إسرائيل من بطشهم، وأنهم امتنعوا لأجل ذلك عن الإيمان إلا قليلًا من شبانهم .. استجابوا لدعوة موسى بعد حث لهم وتحريض على الإيمان، وطلب موسى من بني إسرائيل أن يتخذوا بيوتًا لهم بمصر، يقيمون فيها مراسم دينهم، ثم بشرهم بالفوز والغلبة والنصر .. قفى على ذلك بدعوة موسى على فرعون وقومه مع ذكر السبب الذي دعاه إلى ذلك، وهو: الجحود والعناد لدعوته لما أوتوه، من بسطة النعمة التي أبطرتهم، فتركوا الدين وراءهم ظهريًّا.

وعبارة أبي حيان: مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنه لما بالغ (١) موسى عليه السلام في إظهار المعجزات، وهم مصرون على العناد، واشتد أذاهم عليه، وعلى من آمن معه، وهم لا يزيدون على عرض الآيات إلا كفرًا وعلى الإنذار إلا استكبارًا، وعلم بالتجربة وطول الصحبة، أنه لا يجيء منهم إلا الغي والضلال، أو علم ذلك بوحي من الله تعالى .. دعا الله تعالى عليهم بما علم أنه لا يكون غيره، كما تقول: لعن الله إبليس وأخزى الكفرة، كما دعا نوح على قومه حين أوحى إليه، أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن، وقدم بين يدي الدعاء ما آتاهم الله تعالى، من النعمة في الدنيا، وكان ذلك سببًا للإيمان به، ولشكر نعمه، فجعلوا ذلك سببًا لجحوده ولكفر نعمه انتهت.

قوله تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر (٢) ما دار من الحوار بين موسى وفرعون، وذكر ما أتى به موسى من الحجج والبينات الدالة على صدقه، وغلبه لسحرة فرعون، ولم يزده ذلك إلا كبرًا وعتوًا فدعا عليه بالطمس على الأموال، والشد على القلوب، وذكر استجابة الله دعوته .. قفى على ذلك بذكر خاتمة القصة: وهو ما كان من تأييد الله لموسى وأخيه، على ضعفهما وقوة فرعون وقومه، إذ كانت دولته أقوى دول العالم في عصره.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ...}


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.