للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال أهل التفسير (١): اجتمع يعقوب وبنوه على يوسف، وهم اثنان وتسعون، وخرج بنوه مع موسى من مصر، وهم ست مئة ألف، وذلك لما أجاب الله تعالى، دعاء موسى وهارون .. أمرهما بالخروج ببني إسرائيل من مصر، فخرجوا وقد كان فرعون غافلًا عن ذلك، فلما سمع بخروجهم، خرج بجنوده في طلبهم، فلما أدركهم، قالوا لموسى: أين المخلص، والبحر أمامنا والعدو وراءنا، فأوحى الله تعالى إليه أن اضرب بعصاك البحر، فضربه، فانفلق، فقطعه موسى وبنو إسرائيل، فلحقهم فرعون وكان على حصان أدهم، وكان معه ثمانية آلاف حصان على لون حصانه، سوى سائر الألوان، وكان يقدمهم جبريل على فرس أنثى وميكائيل يسوقهم حتى لا يشذ منهم أحد فدنا جبريل بفرسه فلما وجد الحصان ريح الأنثى لم يتمالك فرعون من أمره شيئًا، فنزل البحر وتبعه جنوده، حتى إذا اكتملوا جميعًا في البحر، وهم أولهم بالخروج، انطبق البحر عليهم، ولا يخفى عليك ما في هذه القصة من الخيالات الإسرائيلية.

{فَأَتْبَعَهُمْ}؛ أي: فلحقهم وأدركهم في مجاوزة البحر {فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا}؛ أي: ظلمًا وعدوانًا، أو ظالمين عادين عليهم؛ أي: مفرطين في محبة قتلهم ومجاوزين الحد، ليفتكوا بهم، أو يعيدوهم إلى مصر، ليسوموهم سوء العذاب ويجعلوهم عبيدًا لهم. وقيل: إن البغي طلب الاستعلاء في القول بغير حق، والعدو في الفعل، وخاض البحر مع جنوده وراءهم {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ}؛ أي: حتى إذا أشرف على الغرق وناله، ووصله وألجمه {قَالَ آمَنْتُ} وصدقت {أَنَّهُ}؛ أي: بأن الشأن والحال {لَا إِلَهَ}؛ أي: لا معبود بحق {إلّا} الرب {الَّذِي آمَنَتْ بِهِ}؛ أي: صدقت بوحدانيته وانقادت لأمره {بَنُو إِسْرَائِيلَ}؛ أي: جماعة بني إسرائيل بدعوة موسى، عليه السلام، {وَأَنَا} الآن {مِنَ الْمُسْلِمِينَ}؛ أي: من المنقادين لأوامره، كما انقادوا، وأنا ممن أذعنوا لأمره بعد ما كان مني من جحود بآياته، وعنادٍ لرسوله موسى، عليه السلام، وقرأ الحسن (٢) وقتادة: {فاتبعهم} بتشديد التاء. وقرأ الجمهور. {وجاوزنا فأتبعهم}


(١) المراح.
(٢) البحر المحيط.