للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأصله من دَرَّ اللبن دُرورًا، وهو كثرةُ وروده على الحالب، يقال: سحاب مِدْرَارٌ ومطر مدرارٌ إذا تتابع منه المطر في وقت الاحتياج إليه، والمعنى: حالَ كونه مُتَتَابِعًا دائمًا، كلما تحتاجون إليه ويقال: درَّ يدرُّ كردَّ يرُدُّ. وفي "المصباح": درَّ اللبن وغيره درًا من بابي ضرب وقتل إذا كثر دَرهُ، اهـ. وفي "القاموس": ودرَّت السماء بالمطر درًّا ودرورًا فهي مدرار، اهـ. {إِلَّا اعْتَرَاكَ} يقال: عراه الأمر يعروه واعتَرَاهُ إذا ألمّ به وأصابه. {فَكِيدُونِي} والكيد: إرادة مضرَّة الغير خُفيةً، وهو من الخلق الحيلة السيئة، ومن الله التدبير بالحق لمجازاةِ أعمالِ الخلق. {إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا}، وفي "السمين": الناصية: منبت الشعر من مقدم الرأس، ويسمَّى الشعر النابت أيضًا ناصيةً، تسميةً له باسم محلِّه، ويقال: نصوت الرجل إذا أخَذت بناصيته، فلامها واوٌ، يقال له: ناصاه، فقلبت ياؤُها ألفًا، فالأخذ بالناصية عبارة عن الغلبة والقهر، وإن لم يكن أخذ بناصية، ولذا كانوا إذا منوا على أسير، جزُّوا نَاصِيَتَه، اهـ. {فَإِنْ تَوَلَّوْا} أصله: تَتولُّوا فحذفت إحدى التاءين لتوالي الأمثال, لأنه مضارع تولى من باب تفعل.

{جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ} وجَحَد يتعدى (١) بنفسه، ولكنه ضمِّن معنى كَفَرَ، فتعدى بحرف الجر، كما ضمِّن كفر معنى جحد، فتعدى بنفسه في قوله: {بعد ذلك} {كفروا ربَّهم}. وقيل: إن كَفَرَ كشكر في تعديته بنفسه تارةً، وبحرف الجر أخرى، اهـ "سمين". {وَعَصَوْا رُسُلَهُ} أصله عصيوا؛ لأنه من عَصَى يَعْصِي كرمى يرمي، تحركت الياء وانفتحَ ما قبلها، قلبت ألفًا، فالتقى ساكنان، فحذفت الألِفُ لبقاءِ دَالها فصار عَصَوا بوزن رَمَوا.

{وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} الجبار: المتكبر الذي لا يرى لأحد عليه حقًّا. والعنيد: الطاغي المتجاوز في الظلم، من قولهم: عَنَدَ يعند، من باب: جَلَسَ إذا حادَ عن الحق من جانب إلى جانب، ومنه عند الذي هو ظرف لأنه في معنى جانب في قولك: عندي كذا؛ أي: في جانبي، وعند أبي عبيد: العنيد، والعنود،


(١) الفتوحات.