للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: إبقاء الله، فبِناءِ استفعل للتعدية. والمعنى: عَمَّرَكُم واستبقاكم في الأرض، أو أقدركم على عمارتها، وأمرَكم بها، وقيل: هو من العمرى بمعنى أعمركم فيها دياركم، ويَرِثها منكم بعد انصرام أعماركم، أو جعلكم معمرينَ ديارَكم، تسكنونها مدةَ عمركم، ثم تتركونها لغيركم، اهـ. ويقال: أعمرتُه الأرضَ، واستعمرته إياها، إذَا فوضت إليه عِمَارَتَها. {مُرِيبٍ}؛ أي: مُوقِعٌ في الريب، اسم فاعل من أَرَابَ المتعدي بمعنى أوقعه في الريب، أو مِن أَرَابَ اللازم بمعنى صارَ ذَا ريب وشك، وذو الريب وصاحبه من قام به، لا نفس الشك، فالإسناد مجازي للمبالغة كجد جده. والرَّيْبُ: الظن والشك، يقال: رابني الشيءُ يَريبني، إذا جَعَلَك شاكًّا. {نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً} الآية المعجزة الدالة على صدق نبوته. {ذروها} اتركوها وخلوها وشأنَها. {فَعَقَرُوهَا} يقال: عَقرَ الناقة بالسيف، إذا قطع قَوائِمَها به أو نَحَرَها. {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ} التمتع: التلذذ بالمنافع والدار البلد كما يقال: ديار بكر؛ أي: بلادهم. {وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ}؛ أي: غير مكذوب فيه؛ لأن المكذوبَ وصف الإنسان لا الوعد؛ لأنه يقال: كَذَبَ زيد عمرًا في مقالته، فزيد كاذب، وعمرو مكذوب، والمقالةُ مكذوب فيها. فالكلامُ على الحَذْفِ والإيصال، فلمَّا حذف الجار صار المجرورُ مفعولًا على التوسع، فأقيم مقام الفاعل، اهـ "شهاب". وفي "السمين": قولُه: {غَيْرُ مَكْذُوبٍ} يجوز أن يكونَ مَصدرًا على وزن مفعول، وقد جاء منه ألفاظ: نَحْوُ: المجلود، والمعقول، والمنشور، والمغبون، والمفتون، ويجوز أن يكونَ اسمَ مفعول على بابه، وفيه تأويلان:

أحدهما: غير مكذوب فيه، ثُمَّ حذف حرف الجر، فاتصل الضمير مرفوعًا مستترًا في الصفة، ومثله يوم مشهود.

والثاني: أنه جَعَلَ هو نفسَه غير مكذوب؛ لأنه قد وَفَى به، وإذا وَفى به .. فقد صَدَقَ، اهـ. والوعد خبر موقوت كأنَّ الواعدَ قال للموعود: إنّني أفِي به في وقته، فإنْ وفى .. فقد صَدَقَ، ولم يكذبه. {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ}، وأصلُ الأخذ: التناولُ باليد، ثم استعمل في الأشياء المعنوية، كأخذ الميثاق، والعهد، وفي الإهلاك، وحُذفت تاء التأنيث من الفعل إما لكون المؤنث مجازيًّا، أو للفصل بالمفعول، أو لأن الصيحةَ بمعنى الصياح، والصيحةُ فعلة تَدُلُّ على المرة