للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العلوم" وتفسير أبي الليث. قال ابن عطية: أضاف فعلَ الملائِكَةِ إلى ضمير اسم الله تعالى في قوله {فَبَشَّرْنَاهَا} إذ كَانَ ذلك بأمره ووحيه، وقد وَقَعَ التبشير هنا لها، ووقع لإبراهيم في قوله تعالى: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (١٠١){وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} , لأن كل واحد منهما مستحق للبشارة لكونه منهما. وقرأ (١) الحرميان نافع، وابن كثير، والنحويان أبو عمرو، والكسائي، وأبو بكر {يعقوبُ} بالرفع على الابتداء {وَمِنْ وَرَاءِ} الخبر كأنه قيل، ومن وراء إسحاق يعقوب كائن. وقدره الزمخشري مولودٌ أو موجودٌ. قال النحاس: والجملة داخلة في البشارة، أي: فبشرناها بإسحاق متصلًا به يعقوب. وقرأ ابن عامر، وحمزة، وحفص، وزيد بن علي {يَعْقُوبَ} بالنصب. قال الزمخشري، كأنه قيل: ووهبنا لها إسحاقَ، ومن وراءِ إسحاقَ يعقوب، يعني أنه عطف على التوهم، والعطف على التوهم لا ينقاس، والأظهر أن يَنْتَصِبَ {يَعْقُوبَ} بإضمار فعل، تقديره: ومن وراء إسحاقَ وهبنَا لَهَا يعقوب، ودلَّ عليه قوله: {فَبَشَّرْنَاهَا} لأن البشارة بمعنى الهبة، ورجح هذا الوجه أبو علي، ومن ذهب إلى أنه مجرور معطوف على لفظ بـ {إِسْحَاقَ} أو على موضعه فقوله: ضعيف؛ لأنه لا يجوز الفصل بالظرف، أو المجرور بين حرف العطف، ومعطوفه المجرور، فلا يجوز مررت بزيد اليومَ وأمس عمرو.

٧٢ - وقوله: {قَالَتْ} استئناف بياني كأنه قيل: فماذا قالت إذ بشِّرت بذلك، فقيل: قالت سارة لما بشرت بإسحاق {يَا وَيْلَتَى} وقرأ الحسن: {ياويلتي} بالياء، وهي كلمة تقال عند التعجب؛ أي: يا عجبًا. وأصله (٢): {يا ويلتي} بالياء فأبدل من الياء الألف، ومن كسرة التاء الفتحة، لأنَّ الألفَ مع الفتحة أخفُّ من الياءَ مع الكسرة، وأصل هذه الكلمة في الشر؛ لأنَّ الشَّخْصَ ينادي ويلته، وهي هلكته يقول لها تعالي واحضري فهذا أوان حضورك، ثمَّ أطلق في كل أمر عجيب، كقولك: يا سبحانَ الله، وهو المراد هنا. قال سعدي المفتِي أصل الدعاء بالويل ونحوه في التفجع لشدة مكروه يدهم النفسَ، ثم استعمل في عَجَب يدهم النَّفْسَ، والاستفهام في قوله: {أَأَلِدُ} استفهام تعجب، أي: قالت سارة لما بشرت بإسحاق، يا


(١) البحر المحيط.
(٢) روح المعاني.