للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شهيق وزفير، والآخرون يمتعون بالجنة التي فيها ما تشتهيه الأنفسُ وتلذ الأعين، وهم فيها خالدون.

قوله تعالى: {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنَّ الله سبحانه وتعالى لما (١) ذكر قصص عبدة الأوثان من الأمم السالفة، وأتبع ذلك بذكر أحوال الأشقياء والسعداء، شرح للرسول - صلى الله عليه وسلم - أحوالَ الكفار من قومه، وأنَّهُمْ مُتَّبِعُوا آبائهم كحال من تقدَّم من الأمم في اتباع آبائهم في الضلال والفساد، تسليةً له - صلى الله عليه وسلم - في ضمن النهي له عن الامتراء في أنَّ ما يعبدونه غير نافع ولا ضار، ولا تأثيرَ له في شيء.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ...} الآيتين، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما (٢) ذكر مشركي مكة بأقوام غلب عليهم الكفرُ والجحود، ولم يؤمن إلا القليل منهم، فوفَّاهم جَزَاءَ أعمالهم في الدنيا، وسيوفيهم جزاءهم في الآخرة، ذكرهم في هاتين الآيتين بقوم موسى الذين آتاهم الكتابَ فاختلفوا فيه، وأن مثل الذين يختلفون من أمته في الكتاب مثل هؤلاء.

وعبارة أبي حيان: مناسبتها لما قبلها: أنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى لما بين إصرارَ كفارِ مكةَ على إنكار التوحيد ونبوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - والقرآن الذي أتى به، بيَّن أنَّ الكفار من الأمم السابقة كانوا على هذه السيرة الفاجرة مع أنبيائهم؛ فليس ذلك ببدع ممن عاصرَ الرسولَ - صلى الله عليه وسلم -، وضَرَب لذلك مثلًا، وهو إنزال التوراة على موسى فاختلفوا فيها، والكتاب هنا هو: التوراة، فقبله بعض، وأنكره بعض كما اختلف هؤلاء في القرآن.

قوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ...} الآية، مناسبتها لما قبلها: أنَّ الله سبحانه وتعالى لمَّا بينَ أمرَ المختلفينَ في التوحيد، والنبوة وأطنبَ في وعدهم، ووعيدهم .. أمرَ رسولَه - صلى الله عليه وسلم -، ومَنْ تاب معه بالاستقامة، وهي كلمة جامعة لكل ما يتعلق بالعِلْم والعمل والأخلاق الفاضلة.


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.