للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذ قلتم يا موسى! إلخ. والقائلون لهذا القول: هم سبعون رجلا من خيارهم، كما عرفت. وقرأ الجمهور. {جَهْرَةً} بسكون الهاء. وقرأ ابن عباس، وسهل بن شعيب، وحميد بن قيس {جهرة} بفتحها، وتحتمل هذه القراءة وجهين:

أحدهما: يكون جهرة مصدرا، كالغلبة، فيكون معناها ومعنى جهرة المسكّنة الهاء سواء.

والثاني: أن يكون جمعا لجاهر، كما تقول فاسق وفسقة، فيكون انتصابه على الحال؛ أي جاهرين بالرؤية. ذكره في «البحر».

والمعنى (١): واذكروا يا بني إسرائيل! حين خرجتم مع موسى إلى جبل الطور لتعتذروا إلى الله من عبادة العجل، فسمعتم كلام الله مع موسى، فقلتم لموسى لمّا أقبل إليكم من المناجاة {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ}؛ أي: لن نصدقك في أن المخاطب لنا هو ربنا، وأن ما سمعناه كلامه {حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً}؛ أي: حتى نبصره ونراه رؤية جهرة؛ أي: ظاهرة واضحة عيانا، لا يستره عنا شيء {فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ}؛ أي: فأحرقتكم النار النازلة من السماء؛ أي: فأخذت الصاعقة من قال ذلك، والباقون ينظرون بأعينهم. وقد فصّل ذلك في الأعراف. وقرأ عمر، وعليّ {الصّعقة} بلا ألف. ذكره في «البحر». والصاعقة (٢): هي نار محرقة فيها صوت، نازلة من السماء. وقيل: هي كلّ أمر مهول مميت، أو مزيل للعقل والفهم، وتكون صوتا، وتكون نارا، وتكون غير ذلك.

وقيل: هي صوت ملك صاح عليهم، وإنما أحرقتم الصاعقة، لسؤالهم ما هو مستحيل على الله في الدنيا؛ ولفرط العناد والتعنّت، وإنما الممكن أن يرى رؤية منزهة عن الكيفية، وذلك للمؤمنين في الآخرة، وللأفراد من الأنبياء في بعض الأحوال في الدنيا، كما قيل: {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} إلى الصاعقة النازلة حين نزولها، فإن كانت نارا فقد عاينوها، وإن كانت صوتا هائلا فقد مات بعضهم


(١) العمدة.
(٢) روح البيان.