للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

باستكمال نموه البدني والعقليّ. وقال أهل التفسير: أي منتهى اشتداد جسمه، وقوته واستحكام عقله، وتمييزه، وهو سنُّ الوقوف ما بين الثلاثين إلى الأربعين. {آتَيْنَاهُ}؛ أي: وَهَبْنَاه {حُكْمًا} صَحِيحًا فيما يعرض له من مَهامّ الأمور، ومشكلات الحوادث مقرونًا بالحق والصواب {وَعِلْمًا} لَدُنِيًّا، وفكرِيًّا بما ينبغي أن تسير عليه الأمور.

وقدَّرَ (١) الأطباء هذه السنَّ بخمس وعشرين سَنةً. وقد أثبت علماء الاجتماع أنَّ الاستعدادَ الإنسانيَّ يظهر رُوَيْدًا رُوَيْدًا حتى إذا ما بلغ المرء خَمْسًا وثلاثين سنة وَقَف عند هذا الحد، ولم يظهر فيه شيء جديد غير ما ظهر من بدء سن التمييز إلى هذه السن. ولهذا قال ابن عباس إنها ثلاث وثلاثون سنة.

وفي "روح البيان" (٢): والعقلاء ضبطوا مراتبُ أعمار الناس في أربع:

الأولى: سن النشوء والنَّماء، ونهايته إلى ثلاثين سنة.

والثانية: سن الوقوف وهو سن الشباب ونهايته إلى أن تتم أربعون سنةً من عمره.

والثالثة: سن الكهولة، وهو سن الانحطاط اليسير الخفيّ، وتمامه إلى ستين سنة.

والرابعة: سنِّ الشيخوخة، وهو سنُّ الانحطاط العظيم الظاهر، وتمامه عند الأطباء إلى مِئةً وعشرين سنة. والأشُدُّ: غاية الوصول إلى الفطرة الأولى. وعبارةُ "الخازن" {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ} أي (٣) منتهى شبابه، وشدته، وقوته قال مجاهد: ثلاثةٌ وثلاثون سنة. وقال الضحاك: عِشْرُون سنةً. وقال السدي: ثلاثون سنة. وقال الكَلْبي: الأشد ما بين ثماني عشرة سنة إلى ثلاثين سنةً. وسُئِلَ مالك عن الأَشُدِّ فقال: هو الحُلُم. {آتَيْنَاهُ}؛ أي: آتينا يُوسُفَ بعد بلوغ الأشد، {حُكْمًا}؛ أي:


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) الخازن.