للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أصابها، فالتمست ثم قالت: اكشفوا أهل البيت فكشفوهم فوجدوها مع يوسف عليه السلام مشدودةً عليه تحت ثيابه، فقالت: إنه سرقها مني، فقالت: والله إنه لسلم لي أصنع فيه ما شئت، فأتاها يعقوب فأخبرته الخبر، فقال لها: أنت وذلك إن كان فعل فهو سلم لك ما أستطيع غير ذلك، فأمسكته فما قدر عليه حتى ماتت، وكان حكمهم أن من سرق يُسترق، فتوسلت بهذه الحيلة إلى إمساكه عندها.

وهذا هو الذي عناه إخوته بقولهم: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} وهذه الروايات لا يوثق بها كما لا يدل شيء منها على سرقة حقيقية.

{فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ}؛ أي: فأضمر يوسف مقالتهم هذه، أعني قولهم: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ} في نفسه، ولم يجبهم عنها، لا أنه أسرها في بعض أصحابه كما في قوله: {وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا}؛ أي: أكن الحزازة الحاصلة مما قالوا في نفسه وقلبه. والحزازة: وجع في القلب من غيظ ونحوه كما في "القاموس".

{وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ}؛ أي: لم يظهرها لهم ولم يؤأخذهم بها لا قولًا ولا فعلًا صفحًا عنهم وحلمًا، كأنه قيل: فماذا قال في نفسه عند تضاعيف ذلك الإسرار؟ فقيل: {قَالَ} يوسف في نفسه {أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا}؛ أي: أقبح منزلة في السرقة حيث سرقتم أخاكم من أبيكم، ثم طفقتم تفترون على البريء، وهذه الجملة تفسير لما أسرَّه يوسف؛ أي: (١) قال في نفسه: أنتم شر في مكانتكم ومنزلتكم ممن تعرضون به أو تفترون عليه بالسرقة؛ إذ أنكم سرقتم من أبيكم أحب أولاده إليه وعرضتموه للهلاك والرق، وقلتم لأبيكم: قد أكله الذئب .. إلخ.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما (٢): عوقب يوسف بثلاث: حين همَّ بزليخا فسجن، وحين قال: اذكرني عند ربك فلبث في السجن بضع سنين، وحين قال:


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.