للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتلاعبت العرب به، وجاءت فيه لغات كثيرة كما مر. وذكر صاحب "اللوامح" أن الحسن قرأ في الشاذ: {وَكَأَيِّنْ} - بياء مكسورة من غير همز ولا ألف ولا تشديد - وجاء كذلك عن ابن محيصن في الشاذ فهي لغة انتهى. وقرأ عكرمة وعمرو بن فائد: {وَالْأَرْضِ} - بالرفع على الابتداء - وما بعده خبر. وقرأ السدي: {وَالْأَرْضِ} - بالنصب وهو من باب الاشتغال -؛ أي: ويطوون الأرض يمرون عليها؛ أي على آياتها وما أودع فيها من الدلالات ومع ذلك لا يعتبرون. وقرأ عبد الله: {وَالْأَرْضِ} - برفع الضاد - ومكان {يَمُرُّونَ} {يمشون}، والمراد ما يرون من آثار الأمم الهالكة وغير ذلك، وما عدا قراءة الجمهور شاذ.

١٠٦ - {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ}؛ أي: وما يصدق ويقرُّ أكثر الناس بوحدانية الله تعالى وبألوهيته، وبكونه الخالق الرازق المحيي المميت في حال من الأحوال {إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} بالله تعالى؛ أي: إلا في حال إشراكهم بالله تعالى في عبادتهم سواه من الأصنام والأوثان والملائكة والبشر، فالكافرون مقرون بوجود الله تعالى، لكنهم يثبتون له شريكًا في المعبودية.

قال ابن عباس (١): فأهل مكة قالوا: ربنا الله وحده لا شريك له والملائكة بناته. وقال عبدة الأوثان والأصنام: ربنا الله وحده والأصنام شفعاؤنا عنده. وقالت اليهود: ربنا الله وحده وعزير ابن الله. وقالت النصارى: ربنا الله وحده لا شريك له والمسيح ابن الله. وقال عبدة الشمس والقمر: ربنا الله وحده وهؤلاء أربابنا. وكل من هؤلاء لم يوحدوا بل أشركوا. وقال المهاجرون والأنصار: ربنا الله وحده لا شريك معه.

وقال ابن عباس أيضًا (٢): وأهل مكة كانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك؛ وهذا هو الشرك الأعظم إذ يعبد مع الله غيره. وفي "صحيح مسلم" أنهم كانوا إذا قالوا: لبيك لا


(١) المراح.
(٢) المراغي.