للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يكن مكرهًا ليضيرهم شيئًا، فكانت العاقبة للمتقين، وأهلك الله القوم الظالمين، وسيعلم الكافرون حين يحل بهم العذاب لمن حسن العاقبة. ثم ذكر إنكار اليهود لرسالته، وأمره بالجواب عن ذلك بأن الله شهد له بأنه صادق فيها، فأيده بالأدلة والحجج، وفي شهادته غنى عن شهادة أي شاهد آخر، وكذلك شهد من آمن من أهل الكتاب بأنهم يجدون وصفه في كتبهم.

أسباب النزول

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ ...} قال الكلبي (١): عيرت اليهود رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقالت: ما نرى لهذا الرجل مهمة إلا النساء والنكاح، ولو كان نبيًّا كما زعم لشغله أمر النبوة عن النساء، فأنزل الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ...}.

التفسير وأوجه القراءة

٣٢ - وقوله: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ} .. إلخ. تسلية (٢) لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووعيد للمستهزئين به والمقترحين عليه بالآيات، والتنكير في {رُسُلٍ} للتكثير، والإملاء (٣): الإمهال، وأن يترك ملاوة من الزمان؛ أي: مدة طويلة منه في دعة وراحة وأمن كالبهيمة في المرعى؛ أي: وعزتي وجلالي لقد استحقر واستهين وأوذي وكذب برسل كثيرة من قبلك؛ أي: استهزأ بهم قومهم كما أن قومك يا محمَّد استهزؤوا؛ أي: إن (٤) يستهزىء بك هؤلاء المشركون من قومك، ويطلبوا منك الآيات تكذيبًا لما جئتهم به .. فاصبر على أذاهم، وامض لأمر ربك، فلقد استهزأت أمم من قبلك برسلهم. ثم بين سبحانه شأنه مع المكذبين، فقال: {فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا}؛ أي: فأمهلت للمستهزئين الذين كفروا بالله وبرسله، وأطلت لهم مدة من الزمان في أمن وسعة وراحة؛ أي: فتركتهم ملاوة؛ أي: مدة من الزمان في أمن ودعة وراحة، كما يملي للبهيمة في المرعى {ثُمَّ} بعد الإملاء


(١) أسباب النزول.
(٢) البيضاوي.
(٣) روح البيان.
(٤) المراغي.