للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما (١) ذكر ما أوعد به أهل الغواية في يوم القيامة من دخول جهنم، وذكر أنها دركات لأولئك الغاوين، بحسب اختلاف أحوالهم، بمقدار ما دنسوا به أنفسهم، من اتخاذ الأنداد والشركاء، وارتكاب الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ثم أعقبه بذكر ما أعد لعباده المؤمنين، من الجنات والعيون، والنعيم المقيم، والراحة التي لا نصب بعدها ولا تعب، وجلوس بعضهم مع بعض يتنادمون، ويتجاذبون أطراف الأحاديث، وهم في سرور وحبور على سرر متقابلين .. أردف ذلك فذلكة وخلاصة لما سبق، فأمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يبلغ عباده أنه غفار لذنوب من تابوا وأنابوا إلى ربهم، وأن عذابه مؤلم لمن أصروا على المعاصي، ولم يتوبوا منها، ثم فصل ذلك الوعد والوعيد فذكر البشارة لإبراهيم بغلام عليم.

أسباب النزول

قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} سبب نزول هذه الآية: ما أخرجه (٢) الثعلبي عن سلمان الفارسي لما سمع قوله تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٣)} فر ثلاثة أيام هاربًا من الخوف لا يعقل، فجيء به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسأله، فقال: يا رسول الله أنزلت هذه الآية {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ} فوالذي بعثك بالحق قطعت قلبي، فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٤٥)}.

قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن أبي حاتم عن عليِّ بن الحسين: أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر يعني قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} قيل: وأي غل؟ قال: غلُّ الجاهلية، إن بني تميم وبني عدي وبني هاشم كان بينهم في الجاهلية عداوة فلما أسلم هؤلاء القوم تحابوا، فأخذت أبا بكر الخاصرة، فجعل عليٌّ يسخن يده فيكمد بها خاصرة أبي بكر، فنزلت هذه الآية.

قوله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ...} الآيتان، سبب


(١) المراغي.
(٢) لباب النقول.