للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بهم، وتطلع على أحولهم، فلا تفرط منهم التفاتة استحياء منك، ولا غيرها من الهفوات، قال في "برهان القرآن": لأنه إذا ساقهم وكان من ورائهم .. علم نجاتهم، ولا يخفى عليه حالهم.

{وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ}؛ أي: منك ومنهم {أَحَدٌ} إلى ورائه إذا سمع الصيحة لئلا تراعوا من عظيم ما نزل بهم من البلاء، أو جعل (١) الالتفات كناية عن مواصلة السير، وترك التواني والتوقف؛ لأن من يلتفت لا بد له من أدنى وقفة ولم يقل هنا {وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ}، كما في سورة هود اكتفاءً بما قبله، وهو قوله: {إِلَّا امْرَأَتَكَ}.

{وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ}؛ أي: سيروا إلى المكان الذي أمركم بالذهاب إليه، وهو الشام أو مصر، أو زعر وهي قرية بالشام، وقيل الأردن، وقيل إلى حيث يأمركم جبريل، وذلك أن جبريل أمرهم أن يسيروا إلى قرية معينة، ما عمل أهلها عمل قوم لوط اهـ "خازن".

٦٦ - {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ}؛ أي: وأوحينا (٢) إلى لوط ذلك الأمر الذي حكمنا به على قومه، وفرغنا منه، ثم إنه سبحانه وتعالى فسر ذلك الأمر الذي قضاه بقوله: {أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ}؛ أي: أن آخر هؤلاء المجرمين {مَقْطُوعٌ}؛ أي: مهلك حالة كونهم {مُصْبِحِينَ}؛ أي: داخلين في الصباح؛ أي: إن هؤلاء القوم يستأصلون عن آخرهم بالعذاب وقت الصبح؛ أي: يتم استئصالهم حال ظهور الصبح، حتى لا يبقى منهم أحد، وإنما أبهم الأمر الذي قضاه عليهم أولًا وفسره ثانيًا تفخيمًا له، وتعظيمًا لشأنه، وقرأ الأعمش (٣) وزيد بن علي: {إنَّ دابر} بكسر الهمزة، لمَّا ضمن {قضينا} بمعنى أوحينا، فكان المعنى أعلمنا، علق الفعل فكسر إن، أو لما كان القضاء بمعنى الإيحاء فمعناه القول، كسر إن يؤيِّده قراءة عبد الله: {وقلنا إن دابر} وهي قراءة تفسير لا قرآنٍ، لمخالفتها سواد المصحف، والمعنى:


(١) روح البيان.
(٢) الخازن.
(٣) البحر المحيط.