للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التصريف ومفردات اللغة

{لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}؛ أي: لننزلنهم (١) في الدنيا مباءة حسنة، وهي المدينة المنورة، يقال بوأه منزلًا أنزله فيه، والمباءة المنزل، فهي منصوبة على الظرفية، أو على أنها مفعول ثان إن كان لنبوأنهم في معنى لنعطينهم، {أَهْلَ الذِّكْرِ}؛ أي: علماء أهل الكتاب {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ} البينات جمع بينة، وهي المعجزات الدالة على صدق الرسول، والزبر جمع زبور بمعنى مزبور؛ أي: مكتوب، كرسل جمع رسول، وهي كتب الشرائع والتكاليف التي يبلغها الرسل إلى العباد، {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ}؛ أي: القرآن سمي به لأنه تذكير وتنبيه للغافلين، {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}؛ أي: لتوضح لهم ما خفي عليهم من أسرار التشريع بيانًا شافيًا، وصيغة التفعيل في الفعلين يدل على تكرار البيان والنزول كما هو كذلك، {وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} والتفكر تصرف القلب في معاني الأشياء لدرك المطلوب.

{أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ} والمكر السعي بالفساد خفية، والسيئات جمع سيئة، وهي الأعمال التي تسوؤهم عاقبتها، {يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ}؛ أي: يغورها ويزيلها من الوجود وهم على سطحها، يقال: خسف (٢) المكان يخسف خسوفًا ذهب في الأرض، وخسف الله به الأرض خسوفًا؛ أي: غاب به فيها، ومنه قوله: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ}، وخسف هو في الأرض وخسف به، {تَقَلُّبِهِمْ}؛ أي: في أسفارهم وسيرهم في البلاد البعيدة، للسعي في أرزاقهم، كما قال: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (١٩٦)} وفي "القاموس": تقلب في الأمور تصرف كيف شاء انتهى، {بِمُعْجِزِينَ}؛ أي: بفائتين الله تعالى بالهرب والفرار، {عَلَى تَخَوُّفٍ} والتخوف التنقص، من قولهم: تخوفت الشيء إذا تنقصته، والمراد أنه ينقص أموالهم وأنفسهم قليلًا حتى يأتي عليها الفناء جميعًا، قال في "القاموس" تخوف الشيء تنقصه، ومنه {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى


(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.