للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لمَّا أقام (١) الأدلة على توحيده .. أردف ذلك بذكر ما أنعم به على عباده، فجعل لهم بيوتًا يَأْوُوُن إليها، وتكون سكنًا لهم، وجعل لهم من جلود الأنعام بيوتًا يستخفون حملها في أسفارهم ويجعلونها خيامًا في السفر والحضر، وجعل لهم في الجبال الحصون والمعاقل، وجعل لهم الثياب التي تقيهم الحر، والدروع والجواشن من الحديد لتقي بعضهم أذى بعض في الحرب.

وقصارى هذا: أنه امتن على عباده فبدأ بما يخص المقيمين بقوله: {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا}، ثم بما يخص المسافرين منهم ممن لهم قدرة على ضرب الخيام بقوله: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا}، ثم بمن لا قدرة لهم على ذلك ولا يأويهم إلا الظلال بقوله: {جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا}، ثم بما لا بد منه لكل أحد بقوله: {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ ...} إلخ، ثم بما لا غنى عنه في الحروب بقوله: {وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ}.

وقال أبو حيان (٢): مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنه سبحانه وتعالى لما ذكر ما مَنَّ به عليهم من خلقهم، وما خلق لهم من مدارك العلم .. ذكر هنا ما امتن به عليهم مما ينتفعون به في حياتهم من الأمور الخارجة عن دوابهم، من البيوت التي يسكنونها، من الحجر والمدر والأخشاب وغيرها.

قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنَّ الله سبحانه وتعالى لمَّا ذكر (٣) حال هؤلاء المشركين، وأنهم عرفوا نعمة الله، ثم أنكروها .. قفى على ذلك بوعيدهم، فذكر حالهم يوم القيامة، وأنهم يكونون أذلاء لا يؤذن لهم في الكلام لتبرئة أنفسهم، ولا يمهلون، بل يؤخذون إلى العذاب بلا تأخير، وإذا رأوا معبوداتهم من الأصنام والأوثان والملائكة والأدميين .. قالوا: هؤلاء معبوداتنا، فكذبتهم تلك المعبودات، واستسلموا لربهم، وانقادوا له، وبطل ما كانوا يفترونه، ثم ذكر ذلك اليوم،


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.