للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والفساطيط المتخذة من جلود الأنعام، وإليها الإشارة بقوله: {تَسْتَخِفُّونَهَا}؛ أي: تجدونها خفيفة، يخف عليكم نقضها وحملها ونقلها، {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ}؛ أي: وقت ترحلكم وسفركم، وقرأ الحرميان - نافع وابن كثير - وأبو عَمرو (١): {ظعنكم} بفتح العين، وباقي السبعة: بسكونها، وهما لغتان، وليس السكون بتخفيف كما جاء في نحو الشَّعْر والشَّعَر لمكان حرف الحلق.

{و} تستخفونها {وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ}؛ أي: وقت نزولكم في الضرب والبناء؛ أي: وجعل لكم قبابًا وفساطيط من جلود الأنعام وأشعارها وأصوافها وأوبارها، تستخفون حملها يوم ترحالكم من دوركم وبلادكم، وحين إقامتكم بها، وذلك (٢) أن بعض الناس كالسودان يتخذون خيامهم من الجلود، اهـ شيخنا. وفي "البيضاوي": ويجوز أن يتناول المتخذة من الصوف والوبر والشعر، فإنها من حيث إنها نابتةٌ على جلودها، يصدق عليها أنها من جلودها اهـ.

{و} جعل لكم {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا} جمع صوف ووبر وشعر، والكنايات راجعة إلى الأنعام، وإنما (٣) ذكر الأصواف والأوبار والأشعار، ولم يذكر القطن والكتان، لأنهما لم يكونا ببلاد العرب اهـ "كرخي"؛ أي: وجعل سبحانه لكم من أصواف الضأن وأوبار الإبل وأشعار المعز {أَثَاثًا}؛ أي: ما يتمتع به في البيت خاصةً من الفرش والبسط والغطاء والوطاء، {وَمَتَاعًا}؛ أي: جميع ما تتمتعون به في البيت وخارجه من الفرش والأكسية واللباس والحبال والدلاء والإناء، فعطفه على ما قبله من عطف العام على الخاص، وقيل (٤): إن الأثاث ما يكتسي به الإنسان، ويستعمله من الغطاء والوطاء، والمتاع ما يفرش في المنازل ويتزين به، وفي "السمين": وقال الخليل: الأثاث والمتاع واحد، وجمع بينهما لاختلاف لفظيهما اهـ. ومعنى {إِلَى حِينٍ}؛ أي: إلى أن تقضوا أوطاركم منه، أو إلى أن يبلى ويفنى، أو إلى الموت أو إلى القيامة.


(١) البحر المحيط.
(٢) الفتوحات.
(٣) الفتوحات.
(٤) الشوكاني.