للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

آلات، والمستعملُ لها هو الروح الإنساني، فإن استعملها في الخير .. استحق الثّواب، وإن استعملها في الشر .. استحقَّ العقاب، وقيل: إنّ الله سبحانه ينطق هذه الأعضاء عند سؤالها، فتخبر عمّا فعله صاحبها كما قال تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤)} وفي الخبر: عن شكل بن حميد قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا نبي الله علّمني تعويذًا أتعوّذ به، فأخذ بيدي ثمّ قال: قل: «أعوذ بك من شر سمعي، وشر بصري وشر بصري وشر قلبي، وشرٍّ منّي» يريد الزنا.

قال علي السمرقندي: واعلم (١) أنّ المراد بالنهي: النهي عن اتباع كلّ ما فيه جهل مما يتعلق بالسمع، والبصر، والقلب، كأنه تعالى قال: لا تسمع كل ما لا يجوز سماعه، ولا تبصر كل ما لا يجوز إبصاره، ولا تعزم على كل ما لا يجوز لك العزم عليه؛ لأن كلّ واحد منها يسأله الله تعالى ويجازيه، ولم يذكر اللسان مع أنه من أعظمها؛ لأن السّمع يدل عليه، لأنه ما يكب الناس على مناخرهم في نار جهنّم إلّا حصائد ألسنتهم، وتلك الحصائد من قبل المسموعات اللازمة للسمع. انتهى

وقرأ الجمهور (٢) {وَلا تَقْفُ} بحذف الواو، للجازم مضارع قفا كعدا، وقرأ زيد بن علي: {ولا تقفو} بإثبات الواو، كما قال الشاعر:

هجوت زبان ثُمَّ جئت معتذرًا ... من هجو زبَّان كأن لم تهجو ولم تَدَعُ

وإثبات الواو، والياء، والألف مع الجازم لغة لبعض العرب، وضرورة لغيرهم، وقرأ معاذ القارىء {وَلَا نَقُفْ} مثل تقل من قاف، يَقُوف، تقول العرب: قفت أثره، وقفوت أثره، وهما لغتان لوجود التصاريف فيهما، كجبذ وجذب، وقرأ الجراح العقيلي، {والفواد} بفتح الفاء والواو، وقلبت الهمزة واوًا بعد الضمة في الفؤاد، ثم استصحب القلب مع الفتح، وهي لغة في الفؤاد،


(١) بحر العلوم.
(٢) البحر المحيط.