للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والقول الثالث: أنّ الشجرة كناية عن الرجال على ما ذكرنا عن سعيد بن المسيب ذكره ابن الجوزي في «زاد المسير»، وهي أخبث الشجر المرّ، وهي تنبت بتهامة؛ وتنبت في الآخرة في أصل الجحيم، أي قعرها، وتكون طعام أهل النار {لَأَحْتَنِكَنَّ}؛ أي: لأستأصلنّ ذرّيته بالإغواء من احتنك الجراد الأرض إذا جرّد ما عليها أكلًا مأخوذ من الحنك، وقيل: معنى لأحتنكنّ لأسوقنهم، وأقودنهم حيث شئت من حنك الدابة إذا جعل الرسن في حنكها، وفي «المختار» حنك الفرس جعل في فيه الرسن، وبابه نصر، وضرب، وكذا احتنكه، واحتنك الجراد الأرض أكل ما عليها، وأتى على نبتها، وقوله تعالى حاكيًا عن إبليس: {لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ} قال الفراء: لأستولين عليهم، والحنك المنقار يقال: أسود مثل حنك الغراب، وأسود حانك مثل حالك، والحنك ما تحت الذقن من الإنسان وغيره، ويقال: حنك الدابّة، واحتنكها إذا جعل في حنكها الأسفل حبلا يقودها به، كأنه يملكهم كما يملك الفارس فرسه بلجامه {اذْهَبْ}؛ أي: امض لشأنك، فقد خليتك، وما سولت لك نفسك {مَوْفُورًا}؛ أي: مكملًا لا يدخر منه شيء من قولهم: فر لصاحبك عرضه فرة؛ أي: أكمله له، قال الشاعر:

وَمَنْ يَجْعَلِ الْمَعْرُوْفَ مِنْ دُوْنِ عِرْضِهِ ... يَفِرْهُ وَمَنْ لا يَتَّقِ الشَّتْمَ يُشْتَمِ

{وَاسْتَفْزِزْ} يقال: أفزه الخوف، واستفزه؛ أي: أزعجه، واستخفه، وفي «القاموس» «والتاج»: فزّ يفزّ فزًّا من باب شد انفرد، وفز عنه تنحَّى، وعدل واستفزه أزعجه، وأخرجه من داره، وقتله. {بِصَوْتِكَ}؛ أي: بدعائك إلى معصية الله {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ} أي: صح عليهم من الجلبة، وهي الصياح، ويقال: أجلب على العدو إجلابا إذا جمع عليه الخيول، والمعنى: صح وصوِّت عليهم حال كونك ملتبسًا، ومصحوبًا بجنودك الركاب، والمشاة، والخيل تطلق على النوع المعروف، وعلى الراكبين لها، والمراد هنا الثاني، أعني الفرسان كما جاء في قوله - صلى الله عليه وسلم - في بعض غزواته لأصحابه: يا خيل الله اركبي.

وقيل: معنى {أَجْلِبْ} اجمع، والباء زائدة؛ أي: أجلب عليهم خيلك، واجمع، وفي «المختار» وجلب على فرسه يجلب جلبًا بوزن طلب يطلب طلبًا،