للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(ج ٣/ ص ٦٠) في الكلام على الحديث الأول: وهذا الحديث يقتضي فيما يظهر بادىء الرأي أن هذه الآية مدنية، وأنها نزلت حين سأله اليهود عن ذلك بالمدينة، مع أنّ السورة كلها مكية. وقد يجاب عن هذا بأنّها قد تكون نزلت عليه بالمدينة مرة ثانية كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك، أو أنه نزل عليه الوحي بأن يجيبهم عما سألوه بالآية المتقدم إنزالها عليه، وهي هذه الآية.

قوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه (١) ابن إسحاق، وابن جرير من طريق سعيد، أو عكرمة عن ابن عباس قال: أتى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - سلّام بن مشكم في عامة من يهود، سماهم، فقالوا: كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا، وإنّ هذا الذي جئت به لا نراه متناسقًا كما تناسق التوراة، فأنزل علينا كتابًا نعرفه، وإلا جئناك بمثل ما تأتي به، فأنزل الله: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} الآية.

قوله تعالى: {وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا ...} الآيات، سبب نزولها (٢): ما أخرجه ابن جرير من طريق ابن إسحاق، عن شيخ من أهل مصر، عن عكرمة عن ابن عباس، أن عتبة وشيبة ابني ربيعة، وأبا سفيان بن حرب، ورجلا من بني عبد الدار، وأبا البحتريّ والأسود بن عبد المطلب، وربيعة بن الأسود، والوليد بن المغيرة، وأبا جهل، وعبد الله بن أبي أمية، وأمية بن خلف، والعاص بن وائل، ونبيها ومنبها ابني الحجّاج اجتمعوا فقالوا: يا محمد: ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك، لقد سببت الآباء، وعبت الدّين، وسفّهت الأحلام، وشتمت الآلهة، وفرقت الجماعة، فما من قبيح إلا وقد جئته فيما بيننا وبينك، فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تريد مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثر مالا، وإن كنت إنما تطلب الشّرف فينا .. سوّدناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك ربّما يأتيك رئيًا تراه قد غلب، بذلنا أموالنا


(١) لباب النقول.
(٢) لباب النقول.