للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْآخِرَةِ أَعْمَى} بفتحها مفخّمًا؛ أي: بغير إمالة (١)؛ لأن أفعل التفضيل تمامه بمن كانت ألفه في حكم الواقعة في وسط الكلمة، فلا يقبل الإمالة، وأما الأول فلم يتعلق به شيء، فكانت ألفه واقعة في الطرف، فقبلت الإمالة.

٧٣ - وبعد أن ذكر سبحانه درجات الخلق في الآخرة، وشرح أحوال السعداء، أردفه بتحذيرهم من وساوس أرباب الضلال والخديعة بمكرهم، فقال: {وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ} و {إن} مخفّفة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، واللام هي الفارقة بينها وبين إن النافية؛ أي: وإنّ الشّأن والحال قد قارب المشركون بخداعهم أن يوقعوك في الفتنة بصرفك {عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ}؛ أي: عما أوحيناه إليك من الأحكام من الأمر والنهي والوعد والوعيد {لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ}؛ أي: لتختلق وتتقوّل وتكذب علينا غير الذي أوحيناه إليك، ممّا اقترحوا عليك. {وَإِذًا}؛ أي: ولو اتبعت أهواءهم، وفعلت ما طلبوا منك، وعزتي وجلالي {لَاتَّخَذُوكَ}؛ أي: لجعلوك {خَلِيلًا}؛ أي: صديقا، ووليا لهم، وكنت وليًا لهم، وخرجت عن ولايتي، و {إذا} حرف جواب وجزاء، يقدّر بـ {لو} الشرطية كما أشرنا إليه في الحل، وعبارة «السّمين»: {إذًا} حرف جواب وجزاء، ولهذا تقع أداة الشرط موقعها، وقوله: {لَاتَّخَذُوكَ} جواب قسم محذوف، تقديره؛ أي: وإن افتتنت وافتريت والله لاتخذوك، وهو مستقبل في المعنى، لأن إذا تقتضي الاستقبال إذ معناها المجازاة، وقوله: {وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ}؛ أي: في (٢) ظنّهم لا أنهم قاربوا إذ هو عليه السلام معصوم أن يقاربوا فتنته عمّا أوحي إليه، وتلك المقاربة في زعمهم سببها رجاؤهم أن يفتري على الله غير ما أوحى الله إليه، من تبديل الوعد وعيدًا، أو الوعيد وعدًا، ذكره أبو حيان.

٧٤ - {وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ}؛ أي: ولولا تثبيتنا إياك على الحق وعصمتنا لك عما دعوك إليه موجود {لَقَدْ كِدْتَ} وقاربت {تَرْكَنُ} وتميل {إِلَيْهِمْ}؛ أي: إلى مرادهم {شَيْئًا قَلِيلًا} من الركون الذي هو أدنى ميلٍ فنصبه على المصدرية؛ أي:


(١) النسفي.
(٢) البحر المحيط.