للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حتّى تسقط علينا جرم السماء إسقاطًا مماثلًا لما زعمت في قولك: {أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّماءِ} والكاف في قوله: {كَما زَعَمْتَ} في محل النصب صفة لمصدر محذوف، كما قدرنا، وقوله: {كِسَفًا} جمع كسفة، كقطع، وقطعة، لفظًا، ومعنًى حال من السماء.

وخلاصة ذلك: لن نؤمن لك يا محمد حتى تسقط علينا جرم السماء، حالة كونها متقطعة قطعا عقوبة لنا إسقاطًا مماثلًا لما زعمت، يعنون بذلك قول الله سبحانه {إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّماءِ} وقيل: هو ما في هذه السورة من قوله: {أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِبًا} ونحو الآية قوله: {اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ}، وكذلك سأل قوم شعيب منه فقالوا: {فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفًا مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٨٧)}.

وقرأ الجمهور (١): {أَوْ تُسْقِطَ} بتاء الخطاب مضارع أسقط {السَّماءَ} نصبًا، وقرأ مجاهد، وأبو مجلز، وأبو رجاء، وحميد، والجحدري {أو تَسْقُطَ} بتاء الغيبة مضارع سقط {السماء} رفعا.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي (٢): {كسفًا} بسكون السين في جميع القرآن، إلا في الرّوم (٤٨) فإنهم حركوا السين، وقرأ نافع، وأبو بكر عن عاصم بتحريك السين في الموضعين، وفي باقي القرآن بالتسكين، وقرأ ابن عامر هاهنا بفتح السين، وفي باقي القرآن بتسكينها.

قال الزجاج: من قرأ {كسَفًا} بفتح السين جَعَلَها جمع كسفة، وهي القطعة، ومن قرأ {كِسْفًا} بتسكين السين فكأنهم قالوا: أسقطها طبقًا علينا، واشتقاقه من كسفت الشيء: إذا غطيته، يعنون أسقطها علينا قطعة واحدة.


(١) البحر المحيط.
(٢) زاد المسير.