للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بعضهم بعضًا فيما {بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ}؛ أي: في (١) أمر بعثهم، فمن مقر به وجاحد له، وقائل تبعث الأرواح دون الأجساد، ففرح الملك، وفرحوا بآية الله على البعث، وزال ما بينهم من الخلاف في أمر القيامة، وحمدوا الله إذ رأوا ما رأوا ممّا يثبتها ويزيل كل ريب فيها.

والمعنى: أي (٢) أعثرنا عليهم وقت التنازع والاختلاف بين أولئك الذين أعثرهم الله في أمر البعث، وقيل: في أمر أصحاب الكهف، في قدر مكثهم، وفي عددهم، وفيما يفعلونه بهم بعد أن اطلعوا عليهم {فَقالُوا}؛ أي: قال بعضهم لبعض: {ابْنُوا عَلَيْهِمْ}؛ أي: على أصحاب الكهف {بُنْيانًا} يسترهم عن أعين الناس لئلا يتطرق الناس إليهم، وذلك أن الملك وأصحابه لما وقفوا عليهم، وهم أحياء أمات الفتية، فانقسموا في شأنهم فريقين: فريق يقول: نسد عليهم باب الكهف، ونذرهم حيث هم، وفريق يقول: نبني عليهم مسجدا يصلي فيه الناس، وقد غلب هذا الفريق الفريق الأول في الرأي، كما سيأتي.

ثم قال سبحانه حاكيًا لقول المتنازعين فيهم، وفي عددهم، وفي مدة لبثهم، وفي غير ذلك مما يتعلق بهم، {رَبُّهُمْ}؛ أي: رب أصحاب الكهف {أَعْلَمُ بِهِمْ}؛ أي: أعلم بعددهم، وبمدة لبثهم من هؤلاء المتنازعين فيهم، قالوا ذلك تفويضًا للعلم إلى الله سبحانه، وقيل: هذه الجملة معترضةٌ من كلام الله تعالى، ردًّا لقول الخائضين فيهم، ممن أعثروا عليهم، أو ممن كان في عهده - صلى الله عليه وسلم - من أهل الكتاب، في بيان أنسابهم، وأسمائهم، وأحوالهم، ومدة لبثهم؛ أي: دعوا ما أنتم فيه من التنازع، فإنّي أعلم بهم منكم.

وقال بعض المفسرين (٣): والظرف في قوله: {إِذْ يَتَنازَعُونَ} متعلق بـ {اذكر} مقدرًا، وقال: هو الأظهر، والأنسب لترتيب {الفاء} الآتية عليه، ويكون كلامًا منفصلًا عما قبله، ويؤيّده أن الإعثار، ليس في زمن التنازع، بل


(١) المراغي.
(٢) الشوكاني.
(٣) روح البيان.