للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثاغيها، وراغيها، وكان له مزارع يستخدم فيها أعوانه، وخدمه، ولا يستعصي عليه شيء من مسرات الدنيا ومباهجها، ولذاتها ونعيمها.

وقرأ الأعمش (١)، وأبو رجاء، وأبو عمرو بإسكان الميم فيهما تخفيفًا، أو جمع ثمرة، كبدنة وبدن، وقرأ أبو جعفر، والحسن، وجابر بن زيد، والحجاج، وعاصم، وأبو حاتم، ويعقوب عن رويس عنه، بفتح الثاء والميم فيهما، وقرأ رويس عن يعقوب: ثمر بضمهما، {وثمره} بفتحهما، وأما الثُّمُرُ بضمتين فقد مر تفسيره آنفًا عن ابن عباس وغيره، وأما من قرأ بالفتح فلا اتكال عليه، لأنّه يعني به حمل الشجر، وقرأ أبو رجاء في رواية {ثمر} بفتح الثاء وسكون الميم، وفي مصحف أبيّ {وآتيناه ثمرا كثيرا} وينبغي أن يجعل تفسيرًا.

وبعد أن تم له الأمر، وقعد على سنام العز والكبرياء، داخله الزهو والخيلاء {فَقالَ}؛ أي: صاحب الجنّتين {لِصاحِبِهِ} وأخيه المؤمن الذي جعل مثلا للفقراء المؤمنين {وَهُوَ}؛ أي: والحال أنّ صاحب الجنتين {يُحاوِرُهُ}؛ أي: يراجع صاحبه، ويكلّمه بالكلام الذي فيه الافتخار بالمال، والخدم، وإنكار البعث والإشراك بالله، من حار إذا رجع {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا} وعن (٢) محمد بن الحسن رحمه الله: المال كل ما يتملكه الإنسان من دراهم، أو دنانير، أو ذهب، أو فضة، أو حنطة، أو خبز، أو حيوان، أو ثياب، أو سلاح، أو غير ذلك، {وَأَعَزُّ نَفَرًا}؛ أي: أكثر حشمًا، وأعوانًا، وأولادًا ذكورًا لأنهم الذين ينفرون معه دون الإناث، والنفر بفتحتين من الثلاثة إلى العشرة من الرجال، ولا يقال فيما فوق العشرة، وقال صاحب «روح البيان»: لاح لي ههنا إشكال، وهو أنه إن حمل أفعل على حقيقته في التفضيل، يلزم أن يكون الرجلان المذكوران مقدرين لا محقّقين أخوين، لأنه على تقدير التحقيق يقتضي أن لا يكون لأحدهما مال أصلا كما يفصح عنه البيان السابق، وقد أثبت هاهنا الأكثرية للكافر، والأقلية للمؤمن، وجوابه يستنبط من السؤال، والله أعلم بحقيقة الحال انتهى.


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.