للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{قائِمَةً}؛ أي: كائنة حاصلة فيما سيأتي، {وَلَئِنْ رُدِدْتُ}؛ أي: والله لئن رجعت {إِلى رَبِّي} بالبعث على الفرض، والتقدير: كما زعمت أن الساعة آتية فليس فيه دلالة على أنه كان عارفا بربه، مع أن العرفان لا ينافي الإشراك، وكان كافرًا مشركًا.

قال في «البرهان» (١): قال تعالى هنا: {وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي} وفي «حم» {وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي} لأن الرد يتضمّن كراهة المردود، ولما كان في الكهف، تقديره: ولئن رددت عن جنتي هذه التي ما أظن أن تبيد أبدًا إلى ربي كان لفظ الرد الذي يتضمن الكراهة أولى هنا، وليس في «حم» ما يدل على كراهته، فذكر بلفظ الرّجع ليقع في كل سورة ما يليق بها. انتهى.

{لَأَجِدَنَّ} يومئذ {خَيْرًا مِنْها}؛ أي: من هذه الجنة {مُنْقَلَبًا} تمييز محول عن المبتدأ؛ أي: مرجعًا، وعاقبةً، ومدار هذا الطّمع واليمين الفاجرة اعتقاد أنه تعالى إنّما أولاه في الدنيا لاستحقاقه الذاتي، وكرامته عليه سبحانه، وهو معه أينما توجه، ولم يدر أن ذلك استدراج.

وحاصل معنى الآيتين: أي ودخل (٢) هذا الذي جعلنا له جنتين من أعناب، وأشجار، ونخيل، ومعه صاحبه هاتين الجنتين، وطاف به فيهما مفاخرا، وقال حين عاين ما فيهما من أشجار وثمار وزروع وأنهار مطردة: - ما أظن أن تفنى هذه الجنة أبدًا، ولا تخرب كما قال: وهو شاك في المعاد إلى الله والبعث والنشور، ما أظن أن يوم القيامة آت كما تقولون، وقد كان في كل ذلك ظالمًا لنفسه، إذ وضع الشيء في غير موضعه، فقد كان أليق به أن يكون شاكرًا لتلك النعم، متواضعا لربه، لا أن يكون كافرًا به منكرًا لما جاء به الوحي وأقرته جميع الشرائع.

وخلاصة ذلك: أنه لحقه الخسار من وجهين:

١ - ظنه أن تلك الجنة لا تهلك، ولا تبيد مدى الحياة.


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.