للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٩٨ - {قَالَ} ذو القرنين {هَذَا} السد {رَحْمَةٌ} عظيمةٌ ونعمةٌ جسيمةٌ {مِنْ رَبِّي} على كافة الخلق، لا سيما على مجاهديه، وفيه (١) إيذان بأنه ليس من قبيل الآثار الحاصلة بمباشرة الخلق عادةً، بل هو إحسان إلهي محض وإن ظهر بمباشرتي.

وقال ابن عطية (٢): والإشارة بهذا إلى الردم والقوة عليه والانتفاع به، وقال الزمخشري: إشارة إلى السد؛ أي: هذا السد نعمةٌ عظيمةٌ من الله تعالى، ورحمة منه على عباده، أو هذا الإقدار والتمكين من تسويته، قيل: وفي الكلام حذف تقديره، فلما أكمل بناء السد، وامشوى واستحكم .. قال: {هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} وقرأ ابن أبي عبلة {هذه رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} بتأنيث اسم الإشارة.

{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي}، أي (٣): وقت وعده بخروج يأجوج ومأجوج، وقيل: مصدر بمعنى اسم المفعول؛ أي: موعود ربي وهو يوم القيامة، والمراد بمجيئه مجيء أشراطه وأماراته، من خروج يأجوج ومأجوج، وخروج الدجال، ونزول عيسى عليه السلام. ونحو ذلك من أشراط يوم القيامة.

{جَعَلَهُ}؛ أي: جعل هذا السد المشار إليه بما تقدم مع متانته {دَكَّاءَ}؛ أي: أرضًا مستويةً، والظاهر (٤) أن جعله بمعنى صيَّره، فدكًا: مفعول ثان، وقال الزمخشري: فإذا دنا (٥) مجيء يوم القيامة، وشارف أن يأتي .. جعل السد دكًا؛ أي: مدكوكًا منبسطًا مستويًا بالأرض، وكل ما انبسط بعد ارتفاع .. فقد اندك. انتهى. وفيه بيان لعظمة قدرته تعالى بعد بيان سعة رحمته.

وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر (٦): {دَكَّاً} منونًا غير مهموز ولا ممدود، مصدر دككته، وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي {دَكَّاءَ} ممدودةً مهموزةً بلا تنوين.

والمعنى: أي (٧) فإذا دنا وقت خروجهم من وراء السد .. جعل ربي ذلك


(١) روح البيان.
(٢) روح البيان.
(٣) البيضاوي.
(٤) البحر المحيط.
(٥) الكشاف.
(٦) زاد المسير.
(٧) المراغي