للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كلماته لو لم يجىء بمثله مددًا {وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}.

والمعنى (١): قل لهم أيها الرسول: لو كان ماء البحر مددًا للقلم الذي تكتب به كلمات ربي وعلومه .. لنفد ماء البحر قبل أن تنفد تلك الكلمات ولو مددنا ماء البحر بمثل ما فيه من الماء مددًا وعونًا؛ لأن مجموع المتناهيين متناه وعلوم الله وحكمته لا نهاية لها، والمتناهي لا يفي البتة بغير المتناهي، ونحو الآية قوله: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} وقرأ عبد الله (٢)، وابن عباس، والأعمش، ومجاهد، والأعرج، والحسن، والمنقري عن أبي عمرو {مددا لكلمات ربي} بدل {مِدَادًا} وقرأ (٣) ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم {تَنْفَدَ} بالتاء الفوقانية وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وعمرو بن عبيد، والأعمش، وطلحة، وابن أبي ليلى {ينفد} بالياء التحتانية، قال أبو علي: التأنيث أحسن لأن المسند إليه الفعل مؤنث، والتذكير حسن لأن التأنيث ليس بحقيقي، وإنما لم تنفد كلمات الله؛ لأن كلامه صفة من صفات الله، ولا يتطرق على صفاته النفاد.

وقرأ السلمي (٤): {أن تنفد} بتشديد الفاء على وزن تفعل على المضي، وجاء كذلك عن عاصم، وأبي عمرو، فهو مطاوع من نفَّد مشدداً، نحو كسرته فتكسّر، وفي قراءة الجماعة مطاوع؛ لأنفد وقرأ الجمهور: {بِمِثْلِهِ مَدَدًا} بفتح الميم والدال بغير ألف، والأعرج بكسر الميم، وقرأ ابن عباس، وابن مسعود، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والأعمش بخلاف عنه، وأبو رجاء، وقتادة، وابن محيصن، والتيمي، وحميد، والحسن في رواية، وأبو عمرو في رواية، وحفص في رواية: {بِمِثْلِهِ مَدَدًا} بألف بين الدالين وكسر الميم.

فإن قيل (٥): لِمَ قال في أول الآية {مَدَادًا} وفي آخرها {مَدَدًا} وكلاهما


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.
(٣) زاد المسير والبحر المحيط.
(٤) البحر المحيط.
(٥) زاد المسير.