للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الباكين إليك والخاشعين لك، وإن قرأ سجدة مريم .. قال: اللهم اجعلني من عبادك المنعم عليهم، الساجدين لك، الباكين عند تلاوة آياتك، وإن سجد سجدة {الم} السجدة ... قال: اللهم اجعلني من الساجدين لوجهك، المسبحين بحمدك، وأعوذ بك أن أكون من المتكبرين عن أمرك.

وقرأ الجمهور (١): {تُتْلَى} بتاء التأنيث، وقرأ عبد الله، وأبو جعفر، وشيبة، وشبل بن عباد، وأبو حيوة، وعبد الله بن أحمد العجلي، عن حمزة، وقتيبة في رواية, وورش في رواية النحاس، وابن ذكران في رواية الثعلبي: بالياء، وقرأ الجمهور {بكيا} بضم الباء، وعبد الله، ويحيى، والأعمش، وحمزة، والكسائي: بكسرها اتباعًا لحركة الكاف، كعسيّ ودليّ، والظاهر أنه جمع لمناسبة الجمع قبله، وقال ابن عطية: {وبكياً} بكسر الباء هو مصدر لا يحتمل غير ذلك. انتهى.

٥٩ - ولما مدح سبحانه هؤلاء الأنبياء بهذه الأوصاف ترغيبًا لغيرهم في الاقتداء بهم، وسلوك طريقتهم .. ذكر أضدادهم تنفيرًا للناس عن طريقتهم، فقال: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ}؛ أي: جاء ووجد من بعد هؤلاء الأنبياء المذكورين وعقب عنهم {خلف}؛ أي: عقب سوءٍ من أولادهم، وفي "الجلالين": بقي من بعد هؤلاء قوم سوء يعني اليهود والنصارى والمجوس. انتهى. قال أهل اللغة: يقال لعقب الخير: خلف بفتح اللام ولعقب الشر خلف بسكون اللام، واختلفوا (٢) فيمن نزلت هذه الآية فيه، فقيل: في اليهود، وقيل: في النصارى، وقيل في قوم من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - يأتون في آخر الزمان؛ أي: جاء من بعد هؤلاء المذكورين قوم سوء {أَضَاعُوا الصَّلَاةَ}؛ أي: تركوا أو أخروها عن وقتها، أو ضيّعوا ثوابها بعد الأداء، بالنميمة والغيبة والكذب ونحوها، أو شرعوا فيها بلا نيةٍ، وقاموا لها بلا خضوع ولا خشوع، وقيل: كفروا بها وجحدوا وجوبها، وقيل: لم يأتوا بها على الوجه المشروع، وقيل: إقامتها في غير الجماعات، وقيل: تعطيل المساجد


(١) البحر المحيط.
(٢) الشوكاني.