للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فأل فيه للتعريف العهدي وقيل (١): اللام في الإنسان للجنس بأسره وإن لم يقل هذه المقالة إلا البعض وهم الكفرة، فقد يسند للجماعة ما قام بواحدٍ منهم {أَإِذَا مَا مِتّ} وكنت رميمًا {لَسَوْفَ أُخْرَجُ} من القبر حالة كوني {حَيًّا} وتقديم (٢) الظرف وإيلاؤه حرف الإنكار، لما أن المنكر كون ما بعد الموت وقت الحياة، وانتصابه بفعلٍ دل عليه {أُخْرَجُ} وهو البعث لا به فإن ما بعد اللام لا يعمل فيما قبلها لصدارتها، وهي في الأصل: للحال، وهاهنا للتأكيد المجرد؛ أي: لتأكيد معنى همزة الإنكار في {أَءِنَا} ولذا جاز اقترانها بسوف الذي هو حرف الاستقبال، وفي "التكملة" اللام في قوله تعالى: {لَسَوْفَ} ليست للتأكيد فإنه منكر، فكيف يحقق ما ينكر، وإنما كلامه حكايته لكلام النبي - صلى الله عليه وسلم - كأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الإنسان إذا مات لسوف يخرج حيًا، فأنكر الكافر ذلك، وحكى قوله فنزلت الآية على ذلك. حكاه الجرجاني في كتاب "نظم القرآن".

قال في "بحر العلوم" (٣): لما كانت هذه اللام لام الابتداء المؤكدة لمضمون الجملة، ولام الابتداء لا تدخل إلا على الجملة من المبتدأ والخبر .. وجب تقدير مبتدأ وخبر، وأن يكون أصله لأنا سوف أخرج حيًا وما في {إِذَا مَا} للتوكيد أيضًا وتكرير التوكيد إنكار على إنكار. انتهى {والهمزة} في قوله: {أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ} للاستفهام الإنكاري التوبيخي، داخلة على محذول و (الواو) عاطفة للجملة المنفية على ذلك المحذوف، والذكر في الأصل هو العلم بما قد علم من قبل، ثم تخلله سهو وهم ما كانوا عالمين، فالمراد به هنا التذكر والتفكر، والتقدير: أيقول الإنسان ذلك الكلام؛ أعني قوله: {أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا}؛ أي: أيقول ذلك ولا يتفكر ولا يتذكر {أَنَّا خَلَقْنَاهُ} وأوجدناه من نطفة منتنة {مِنْ قَبْل}؛ أي: من قبل هذه الحالة التي هو فيها الآن، وهي حالة بقائه {و} الحال أنه {لَمْ يَكُ شَيْئًا} موجودًا بل كان عدمًا صرفًا، فيعلم أن من قدر على الابتداء من غير سبق مادة قدر على الإعادة بجمع المواد بعد تفريقها، وفي


(١) الشوكانى.
(٢) روح البيان.
(٣) السمرقندي.