للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ضلال مبين، ويندم ولات ساعة مندم:

نَدِمَ الْبُغَاةُ وَلاَتَ سَاعَةَ مَنْدَمِ ... وَالْبَغْيُ مَرْتَعُ مُبْتَغِيْهِ وَخِيْمُ

ولا يجد عن النار محيصًا ولا مهربًا،

٧٦ - ثم لما أخبر سبحانه عن حال أهل الضلالة .. أراد أن يبين حال أهل الهداية فقال: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا} بالإيمان {هُدًى} بالإخلاص وبالعبادات المتفوعة على الإيمان, وبالثواب على ذلك الإيمان, وهذا كلام (١) مستأنف سيق لبيان حال المهتدين، إثر بيان حال الضالين؛ أي: ويزيد الله سبحانه وتعالى المؤمنين إيمانًا، وعملاً ويقينًا ورشدًا، كما زاد الضالين ضلالًا، ومدهم في استدراجهم، وذلك أن بعض الهدى يجر إلى البعض الآخر، والخير يدعو إلى الخير.

والمعنى: أي (٢) ويزيد الله الذين اهتدوا إلى الإيمان هدىً بما ينزل عليهم من الآيات عوضًا مما منعوا من زينة الدنيا، كرامةً لهم من ربهم، كما بسط للضالين فيها لهوانهم عليه.

ومجمل هذا: أن من كان في الضلالة من الفريقين .. يمهله الله، وينفس له في حياته، ليزداد في الإثم والغي، ويجمع له عذاب الدارين، ومن كان في الهداية منهما .. يزيد الله في هدايته، ويجمع له خيري السعادتين.

{وَالْبَاقِيَاتُ}؛ أي: والأذكار التي يبقى ثوابها لصاحبها أبد الآباد والأعمال {الصَّالِحَاتُ} التي تبقى عائدتها أبدًا {خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ} يا محمد {ثَوَابًا}؛ أي: جزاءً مما يتمتع به الكفرة من النعم الفانية التي يفتخرون بها {وَخَيْرٌ مَرَدًّا}؛ أي: مرجعًا وعاقبةً؛ لأن مآلها رضوان الله، والنعيم الدائم، ومآل هذه السخط والعذاب المقيم، والتفضيل (٣): للتهكم بهم، للقطع بأن أعمال الكفار لا خير فيها أصلًا والمرد هنا: مصدر كالرد، والمعنى: خير ردًا للثواب على عامليها، فليست


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.
(٣) الشوكاني.