للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من قصة هذا الكافر، ومن مقالته المذكورة، وعطف هذه الجملة بالفاء إيذانًا بإفادة التعقيب، كأنه قيل: أخبر أيضًا بقصة هذا الكافر عقب قصة أولئك، وهذا الكافر هو العاص بن وائل، أبو سيدنا عمرو بن العاص، فهو جد عبد الله بن عمرو، أحد العبادلة المشهورة، كما مر في أسباب النزول.

وأرأيت بمعنى: أخبرنني كما قد عرفته، والموصول هو المفعول الأول والثاني هو الجملة الاستفهامية من قوله {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ} و {لَأُوتَيَنَّ}: جواب قسم محذوف، والجملة القسمية كأنها في محل نصب بالقول. اهـ شيخنا.

٧٨ - والاستفهام في قوله: {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ} للإنكار، وأصله: أاطلع من قولهم اطلع الجبل إذا ارتقى إلى أعلاه، وطلع الثنية، فحذفت همزة الوصل وبقيت همزة الاستفهام المفتوحة؛ أي: أعلم ما غاب عنه حتى يعلم أنه في الجنة.

والمعنى: أقد بلغ من عظمة الشأن، إلى أن ارتقى إلى علم الغيب الذي توحد به العلم الخبير، حتى ادعى أن يؤتى في الآخرة مالًا وولدًا، وأقسم عليه {أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} على ذلك؛ أي: أو اتخذ من عالم الغيب عهدًا بذلك، فإنه لا يتوصل إلى العلم به إلا بأحد هذين الطريقين: علم الغيب، وعهد من عالمه، وقيل، العهد (١): كلمة الشهادة والعمل الصالح، فإن وعد الله بالثواب عليهما كالعهد الموثق عليه فمعنى {أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا}؛ أي: أم قال: لا إله إلا الله فأرحمه بها، أو أم قدم عملًا صالحًا فهو يرجوه، وقيل: المعنى انظر في اللوح المحفوظ {أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا}.

وقرأ الجمهور (٢)، وابن كثير، وأبو عمرو، ونافع، وعاصم، وابن عامر: {وَلَدًا} أربعتهن هنا وفي الزخرف {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ} بفتح الواو واللام، ويأتي الخلاف في الذي في نوح {لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ} وقرأ حمزة، والكسائي، وابن أبي ليلى، وابن عيسى الأصبهاني: بضم الواو وإسكان اللام، وقال الفراء: وهما لغتان كالعدم والعدم، والعرب والعرب، وليس بجمع وقيل: يجعل الولد


(١) الشوكاني مع روح البيان.
(٢) البحر المحيط زاد المسير.