للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يقال: جزيته كذا بكذا، والفرق بين الأجر والجزاء: أن الأجر يقال فيما كان من عقد، وما يجري مجرى العقد، ولا يقال إلا في النفع دون الضر، والجزاء يقال فيما كان من عقد ومن غير عقد، ويقال في النافع والضار.

والمعنى (١): أي تلك الدرجات العلى، هي جنات إقامة، تجري من تحت غرفها الأنهار، ماكثين فيها أبدًا، وذلك الفوز الذي أوتوه، جزاء لهم على طهارة أنفسهم من دنس الكفر، ومن تدسية أنفسهم بأوضار الذنوب والآثام، وعلى عبادتهم لله وحده، لا شريك له، واتباعهم للنبيين والمرسلين فيما جاؤوا به من عند ربهم.

٧٧ - وقوله: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى} شروع في بيان إنجاء بني إسرائيل، وإهلاك عدوهم، وقد تقدم في البقرة، وفي الأعراف، وفي يونس، و (اللام) في {لقد}: موطئة للقسم وفي ذلك من التأكيد ما لا يخفى؛ أي: وعزتي وجلالي لقد أوحينا إلى موسى، بعد إجراء الآيات التسع في نحو عشرين سنة، كما في "الإرشاد" لكن يخالفه ما في بعض الروايات المشهورة، من أن موسى - عليه السلام - دعا ربه في حق فرعون وقومه، فأستجيب له، ولكن أثره بعد أربعين سنة، على ما قالوا عند قوله تعالى: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا}.

{أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي}؛ أي: سر بعبادي بني إسرائيل ليلًا، من أرض مصر إلى ساحل البحر، لئلا يعوقهم أعوان فرعون، فـ {أَنْ}: مفسرة بمعنى أي، أو مصدرية؛ أي: بـ {أَنْ أَسْرِ} والسري، والإسراء: سير الليل، وقرأ (٢) نافع، وابن كثير: بكسر نون {أَنْ} وهمزة وصل.

وفي التعبير (٣) عن بني إسرائيل {بِعِبَادِي} إظهار للعناية بأمرهم والرحمة، وتنبيه إلى قبح صنيع فرعون بهم، إذ هو قد استعبدهم، وفعل بهم من ضروب الظلم ما فعل، ولم يراقب فيهم مولاهم الحق.


(١) المراغي.
(٢) المراح.
(٣) المراغي.